اليمن

أرقام رسمية: تراجع الإقبال على الجامعات اليمنية بنسبة 80 بالمائة

كشفت أرقام رسمية عن تراجع خطير عن الإقبال على التعليم  في الجامعات اليمنية بنسبة بلغت نحو 80 بالمائة في اليمن جراء المعاناة المعيشية وارتفاع تكاليف التعليم الجامعي والغموض في المستقبل الوظيفي للمخرجات.

وذكرت بيانات حكومية أن الجامعات الحكوميّة الكبرى قد أغلقت عددًا من أقسام الدراسات الانسانيّة بسبب قلّة الملتحقين بها، وتصدّرت كلّيات الآداب والتربية قائمة هذا التراجع الذي وصفه متخصّصون بـ”المخيف وغير المسبوق”.

ووفقا للأرقام فقد بلغ عدد المتقدّمين للدراسة في كلّية التربية بجامعة عدَن الحكوميّة للعام الأكاديمي (2024-2025) 94 طالبًا وطالبةً فقط، موزّعين بين 15 قسمًا، بمعدل 6 طلاب في القسم الواحد.

مع ذلك، فإنّ بعض الأقسام لم يسجّل فيها سوى طالبٍ واحد، كما التحق أكثر من نصف المتقدّمين بثلاثة أقسام فقط هي اللغة الإنكليزية والحاسوب والدراسات الإسلامية.

بالمثل، فإنّ بيانات التقرير السنوي لجامعة صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيّين والتي تضمّ 19 كلية، تُظهر أنّ عدد الطلّاب المقبولين للعام الجامعي 2022-2023، بلغ 10.579 طالبًا وطالبةً، في حين أنّ عدد المسجّلين في العام الذي سبقه كان 57.668 طالبًا وطالبةً، والعام الذي قبله 58.025 طالبًا وطالبة.

وكشفت هذه الأرقام المرعبة عن حالةِ عزوفٍ غير مسبوق في كليّات كبرى داخل الجامعة، حيث بلغ عدد الملتحقين بقسم التاريخ والعلاقات الدوليّة في كلية الآداب 4 طلّاب فقط، فيما التحق 7 بقسم الفلسفة، وكان عدد الملتحقين بقسم اللغة الفرنسيّة 5 طلّاب، ولم يزِد عدد الملتحقين بقسم اللغة العربيّة عن 6، فيما بلغ عدد الملتحقين بالكليّة التي تضم 12 قسمًا 282 طالبًا وطالبةً فقط.

كذلك، الحال عينها في كلّية التربية العامّة والتي تُعدّ من أكبر الكلّيات، إذ لم يزِد عدد الملتحقين فيها عن 492 طالبًا، لأنّ هناك آلاف الخرّيجين من الأعوام السابقة لم يحصلوا على وظائف مع أنّ قطاعَيْ التّعليم والصحّة كانا أكثر القطاعات استيعابًا لغالبيّة الخرّيجين من الجامعات، كما تظهر البيانات أنّ عدد الملتحقين بكلية التربية الرياضيّة، لم يتجاوز 13 طالبًا.

الأمر عينه سُجّل في جامعة تعزّ الحكوميّة حيث لم يتجاوز عدد الملتحقين بها 7 آلاف طالب وطالبة خلال عام 2022ـ2023، على الرّغم من أنّ عدد الحاصلين على شهادة الثانويّة العامّة للعام عينه في المحافظة بلغ 24 ألف طالب وطالبة.

ويعيد عارف السقّاف، أستاذ اقتصاد الأعمال في جامعة عدَن، أسباب هذا التراجع إلى الوضع الاقتصادي المتدهور الذي جعل العديد من العائلات غير قادرة على تحمّل تكاليف التّعليم الجامعي، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات واضطرارها إلى تقليص ميزانيّاتها والتّركيز على تلبية الاحتياجات الأساسيّة.

كما يسوق الأستاذ الجامعي مبررًا آخر لهذا التراجع، وهو الشعور بالإحباط بين بعض الشباب، نتيجة تراجع فرص التوظيف بعد التخرّج، بحيث بات الكثيرون يرون أنّ الشهادات الجامعيّة لم تعُد تضمن لهم وظائف مستقرّة أو رواتب مجزيّة، معربًا عن اعتقاده بأنّ هذه النّظرة “السلبيّة” للتّعليم الجامعي تجعل البعض يتردّد في الاستثمار في سنوات طويلة من الدراسة من دون تأكيدات على مردود اقتصادي مستقبلي.

غير أنّ متخصّصين في قطاع التعليم في مناطق سيطرة الحوثيّين يؤكّدون أنّ توقّف رواتب الموظفين هناك منذ ثمانية أعوام والفقر المدقِع دفع الشباب في تلك المناطق التي تضمّ نحو 60‎%‎ من السكان إلى البحث عن فرصٍ للعمل في مجالات أخرى داخل البلاد وخارجها للمساهمة في نفقات أُسَرِهم، كما أنّ عددًا كبيرًا من المعلّمين تركوا وظائفهم وذهبوا للعمل في مهنٍ أخرى حتى يتمكّنوا من مواجهة التزاماتهم الأُسرية.