مقالات

لماذا تخشى جماعة الحوثي السلام وتحاكم من يدعو إليه؟

حسام حسن

الملاحظ للخطاب الإعلامي والسياسي لجماعة الحوثي يجد فيه نفس خطاب جماعة الملا حسن في جنوب لبنان الخاضع لفكر الخميني في إيران فهذا يفترض أنه في حرب مستمرة مع إسرائيل والحوثي يفترض أنه في حرب دائمة مع الشعب اليمني ومع الجارة الشقيقة السعودية.

ووفقا لهذا التصور النظري تم تجييش المجتمع اليمني باتجاه تكوين عدو جديد لليمن اسمه السعودية، وعندما يطالب مثلا أي موظف لصرف راتبه يتبجح أصغر حوثي بالقول قصفنا الرياض بالمسيرات والصواريخ فماذا تريدوا منا بعد ذلك؟

منطق اهوج ومستورد تم تعبئة عقول أطفال مران به خلال عمليات غسيل دماغ جماعي لهذه الفئة من الطائفة الشيعية المعروفة بالاثني عشرية التي يعتقد مرشدها الأعلى والأب الروحي لها في طهران أنهم سوف يحكمون العالم ولا شك أن الوسيلة المثلى لأقلية طائفية في العالم الإسلامي للسيطرة على العالم بالتأكيد لن تكون السلام.

ومن هنا نفهم عقلية هذه الأقلية الطائفية التي أصبحت ذات بنية عسكرية وهيكل تنظيمي يقوم على إعطاء الأوامر من طهران معقلها التاريخي واستمرار تزويدها بالسلاح لتحكم بالقوة الغاشمة والإخضاع الجماعي وليس بعقلية السلام الذي سيقود بالضرورة إلى العودة للدستور اليمني والعمل بالانتخابات وصناديق الاقتراع وهذه العملية في الحصول على الحكم هي ما ترعب جماعة ذات أقلية في المجتمع اليمني لا تشكل أكثر من خمسة بالمائة من الغالبية الساحقة للشعب اليمني.

وتعويضا لذلك النقص المركب لهذه الأقلية في المجتمع السياسي لم تتحول جماعة الحوثي الإرهابية إلى حزب سياسي لأن وقتها لن تحصل على عشرة مقاعد في البرلمان ولذا تحولت إلى طائفة سياسية تجيش الناس حولها بانها تقاتل من أجل الاستقلال والكرامة لإعطاء مبرر لأحقيتها في حكم اليمنيين ولذا فإن الحديث عن السلام حتى داخل اطر هذه الجماعة فهو محرم وعندما انخرط عدد من كوادرها في مضمار السلام تم تصفيتهم والتضحية بهم أمثال محمد المتوكل واحمد شرف الدين وعبد الكريم جدبان وأصيب تبعا لذلك مجموعة من حزب المؤتمر وغيره من الأحزاب اليمنية بنكسة كبيرة ممن كانوا أصحاب نظرية ( دعونا نجربهم ) على أساس أنه بمقدور النظام الديمقراطي أن يبتلع هذه الجماعة المتطرفة وتصبح سياسية مطواعة لمفردات الحكم الديمقراطي .

إن مفردة السلام غير واردة في المعجم العقائدي لجماعة الحوثي الإرهابية شأنها شأن الجماعات الراديكالية الثورية (الإسلامية) التي لا تتعايش مع المجتمع المفتوح بل تعمل بكل ما لديها من إمكانات على إغلاق المجتمع عليها وتحوله إلى مجرد قطعان من الماشية لتنظيم الوقفات والتحشيد لمناسباتها الطائفية التي تعمل جاهدة على إذابة المجتمع في بوتقتها .

ولذا تحولت كل الوسائل الإعلامية إلى أن تلهج بالولاء والإذعان لزعيم هذه الجماعة وتصف من لديه رأي آخر بالإرهاب مثل انت (داعشي ، انت مع العدوان ، أنت خائن وعميل) وقضاة محاكمها لانهم من نفس نسيجها الواقع تحت التخدير السلالي فقد جهز الأحكام القضائية المتناسبة مع المصطلحات لهذه الجماعة المارقة .

يقول أحد الإعلاميين ممن كانوا يعملون في إحدى وسائل الإعلام الخاضعة لقمعها الفكري: تكلمت فى أحد البرامج قائلا لماذا لا نحقن دماء اليمنيين ونسعى للسلام ووقف الحرب فلم أحس إلى ومدير تلك الوسيلة الاعلامية يستدعيني إلى مكتبه ويقول لي اتصلوا علينا من صنعاء يستنكرون عليك هذه الدعوة التي تكلمت بها وانت الآن تحت المراقبة ولا تعود لطرح مثل هذه الأفكار.

وفي فترة سابقة تم احتجاز نحو عشرين مشاركا في ندوة حول نبذ خطاب الكراهية تم اعتقالهم جماعيا إلى جهاز الأمن والمخابرات التابع لجماعة الحوثي الإرهابية وتم إبلاغهم بالتوقف عن هذه العناوين ومناقشتها وإعطاء تعهد على أنفسهم بذلك قبل إطلاق سراحهم.

فهل عرفنا لماذا هذه الجماعة الإرهابية تجرم الدعوة إلى السلام لكنها قد تستخدم التفاوض المرحلي عند تعرضها للهزائم ليس إذعانا للسلام ولكن حفاظا على إمكاناتها للاستمرار للحرب فما أبشع هذه الجماعة التي بلي بها المجتمع اليمني وما أبشع من دعمها وتحالف معها من الأحزاب العقائدية والثورية والنفعية التي ستصل إلى نتيجة مفادها أن جماعة الحوثي لا يمكن أن تجنح إلى السلام حتى ولو فرضت عليها أنواع التطويق والانغلاق لعشرات السنين فما الحل إذن مع هذه الجماعة الإرهابية الغادرة؟