مع احتفالات الحوثي بأوهام تاريخية.. هل كان الإمام زيد مع الروافض ؟
يغالط الحوثي من خلال ماكنته الإعلامية الضخمة المدعومة بأموال إيرانية وبواسطة آلاف المثقفين والمتحدثين العقائديين بالقول إنهم مع ما أسموه بثورة زيد بن علي في وجه الحكم الأموي الذي ألبسوه كل المساوئ السياسية ونفوا عنه كل شيء إيجابي واعتبروا كل من خالفهم هذا الرأي بتفسير تاريخ الأحداث بأنه داعشي و مع النواصب الرافضين لحكم العترة من آل البيت.
وفي الواقع فإن الامام زيد رحمه الله شأن أئمة المذاهب الفقهية الإسلامية كان راويا للسنة النبوية ولم يكن فقط مفسرا للقرآن لأنه جاء على لسام صاحب السنة العطرة محمد عليه الصلاة والسلام فقد روى الامام زيد السنة النبوية عن التابعي أبيه زين العابدين علي بن الحسين، والتابعي أخيه محمد الباقر، والتابعي أبان بن عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين رضي الله عنه و التابعي عروة بن الصحابي الكبير الزبير بن العوام رضي الله عنه وقد عَدَّه الجاحظ من خطباء بني هاشم، وقال أبو حنيفة: “ما رأيت في زمانه أفقه منه ولا أسرع جوابًا ولا أبين قولًا”،
الزيدية والرافضة
أجمع المؤرخون أن الزيدية تنسب إلى زيد بن علي نسبًا ومذهبًا؛ فقد سئل عيسى بن يونس عن الرافضة والزيدية فقال: “أمَّا الرافضة فأوَّل ما ترفَّضت جاءوا إلى زيد بن علي وقالوا له: تبرَّأ من أبي بكر وعمر حتى نكون معك، قال: بل أتولَّاهما، قالوا: إذن نرفضك، فسُمِّيت الرافضة.
وأمَّا الزيدية قالوا: نتولَّاهما ونتبرَّأ ممَّن تبرَّأ منهما. وخرجوا مع زيد فسُمِّيت الزيدية”. وقد قال زيد بن علي رحمه الله :- الرافضة حربي وحرب أبي في الدنيا والآخرة، وقد سأله بعض أصحابه عن قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11] قال: أبو بكر وعمر، ثم قال: لا أنالني الله شفاعة جدي إن لم أوالهما.
وكون أقلية الروافض الحوثيين جاؤوا وافدين إلى اليمن من نسل جدهم الهادي الرسي فقد بدأوا من صعدة ينسفون مبدأ الإمام زيد الذي كان من أتباعه خلق كثير في المناطق الجبلية الممتدة من صعدة حتى أطراف ذمار جنوبا وفي الواقع كانت هذه الحاضنة المذهبية مكانا لتفريخ المعتقدات الإثني عشرية التي جاء بها الرسي إلى صعدة واستمر بتدريسها وشكل فيها مراكز في أوساط القبائل القحطانية وأقنعهم بأنه من نسل الصحابي الكبير علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وفيما يخص الامام زيد فقد اختلف في الرأي مع خلفاء بني أمية على الأمور السياسية وحصل جدل بينه وبين هشام بن عبد الملك الذي كان على رأس الخلافة الأموية وكانت البلاد الاسلامية تدين لكرسي الخلافة الأموية في دمشق وتدعو له على المنابر في كل الأمصار والمدن الإسلامية بما فيها مكة والمدينة.
لكن الفكر السياسي الرافضي الذي نشأ في الكوفة بجنوب العراق قد كان قريبا من الفكر الفارسي الذي دخل أتباعه في الإسلام بمفاهيم الأكاسرة المهزومين للاستحواذ على مراكز الحكم الإسلامي من داخله ونلاحظ أن تلك الفئة المتعصبة لم تمر أفكارها في مدن منابع الرسالة الإسلامية في مكة والمدينة وصنعاء وتهامة الأشاعرة وغيرها بل كانت تظهر في مدن حديثة العهد بالإسلام مثل الكوفة والبصرة وواسط والعمارة والحيرة بجنوب العراق والذي بسط الفرس عليه حكمهم مئات السنوات وتشربوا فكر وسلوك الأكاسرة ومعتقداتهم حيث دخل الاسلام من الفرس خلق كثير بعد هزيمة الدولة الفارسية في عقر دارها .
لقد تحولت الكوفة بهذا الفكر الذي أداره علماء الكلام والمنطق ذووا الأصل الفارسي إلى شعلة من النشاط السياسي المحرض ضد مركز الدولة الإسلامية ابتداء من المدينة و توافد جحافل الكوفة عليها والتحريض ضد الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه وقتله في داره رغم أن الإمام على رضي الله عنه كان يحرسه بسفه الفقار مع جمع من كبار الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين .
وبعد استشهاد عثمان جاء دور شيعة الكوفة لشق الصف القرشي بين الإمام علي وبين معاوية رضي الله عنهما وإذكاء الصراع السياسي على الحكم بين الرجلين اللذين كانا يمثلان ارتين عربيتين حاكمة لمكة منذ ما قبل الاسلام وكانتا تتقاسمان الحكم في مكة عاصمة العرب في الحقبة الجاهلية. وهما قبيلة بني هاشم ممثلة في بني عبد المطلب وبني أمية ممثلة في أبي سفيان بن حرب بن أمية.
لقد كان هناك تنافس تاريخي بينهما وامتد حتى بعد الاسلام وشهدنا ذروته بين علي ومعاوية في موقع صفين التي قتل فيها آلاف المسلمين وتعطلت الفتوحات باتجاه ما تبقى من بلاد فارس وما تبقى من بلاد الروم الذين كانوا يرسلون إلى معاوية عرضهم بنصرته على الامام علي فكان رده المشهور عليهم ( والله إن لم تنتهوا لآتينكم بجيش على إمرته علي ) رغم أن الغلبة كانت تميل لقوات الإمام علي .
ومن الكوفة أيضا خرج الخوارج الذين خرجوا على ان يكون حاكم الدولة الاسلامية من قريش فدبروا المكيدة لقتل رموزها الثلاثة علي ومعاوية وعمرو فكان المحرضون على الحكم كثيرون جلهم يأتي من مناطق كانت تحت النفوذ الفارسي أو الرومي .
كان أبناء الكوفة يأملون نقل مركز الخلافة إليها فلبى علي لهم ذلك وانحاز إليهم فانشقت الخلافة إلى رأسين في دمشق بقيادة معاوية والكوفة بقيادة علي لتخوص المدينتان معارك دب امية ضد بعضهما.
وتكرر خذلان اهل الكوفة بعد علي في خذلان ابنه الحسين بعد تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية بعدما ظهر له حقيقة من كانوا يزعمون نصرته وهم يريدون شق جماعة المسلمين وشغلهم بحروب استنزاف داخلي تكررت مع الحسين بن علي المتطلع إلى أحقيته بالخلافة من يزيد بن معاوية فقد انتقل العداء والخصومة من الآباء إلى الأبناء.
وبعد ستين سنة كان أهل الكوفة على موعد جديد للتمرد على أمير المؤمتين الأموي هشام بن عبد الملك فاتخذوا من الإمام زيد عنوانا للخروج عن طاعة دمشق عاصمة الخلافة الاسلامية فارسلوا الوشايات الى هشام أن زيد يريد الخروج عليك وأوغروا صدره على الإمام زيد فانحاز إليهم زيد بن علي في ملحمة جديدة ضد حكم بني أمية لعله يفوز بالخلافة في مدينتهم التي اتخذها جده علي من قبل حصنا وجمع زيد أربعين ألفا من أهلها للانقضاض على دمشق وتحويل مركز الدولة إلى الكوفة التي تثبت دائما عصيان أهلها واتخاذ رموز من نسل الإمام علي شماعة لشق الطاعة والترد ضد الخلافة التي أذعن الإمام الحسن من قبل وسلم جميع مقاليد الخلافة إلى أبناء عمومته من القرشيين من بني أمية .
هذه هي الحكاية من بيان سلاسل الصراع السياسي بين رموز بني هاشم ممثلين بعلي عدد من أبنائه وأحفاده وبين رموز بني أمية ابتداء بمعاوية وانتهاء بهشام بن عبد الملك الذي عرف دسائس اهل الكوفة وما حولها من أجل شق صف المسلمين متخذين من آل البيت بكائية تاريخية لنظام حكم لم يستطع أهل الكوفة أن يفرضوه حتى ولو كان باستغلال مكانة أبناء الإمام علي وفاطنة بنت الرسول.
لقد فهم كبار الصحابة ما يرمي إليه الغوغاء من عامة الناس بالتحريض المستمر على دار الخلافة فنصحوا الإمام علي ونصحوا الحسين بنفاق أولئك الناس حتى وإن أرسلوا الرسائل بالمئات وحشدوا الرجال بالآلاف.
واليوم يعود أوصياء الكوفة الروافض على صنعاء بالاستقواء بسلاح إيران الفارسية وكوفة العراق وكربلاء ليركبوا ثورات أجدادهم الكوفيين باسم آل البيت لقيموا حكما في اليمن على هوى ملالي طهران وسدنة مشهد وقم الفرس الذين لم يسمحوا حتى بتولي الحكم في العراق لشيعتها العرب فكيف سيسمح سنة عرب اليمن بحكم شيعة إيران في بلاد أصل العرب !؟!