اليمن

في زمن الحوثي…. الآباء يصبحون أعداء في نظر أبنائهم

خاص – محمد احمد

يشتكي الكثير من الآباء في مناطق سيطرة الحوثي من فقدان السيطرة على أبناءهم وعدم قدرتهم على اقناعهم وتوجيههم في ظل ما تقوم به الجماعة، من غسيل لأدمغة الأطفال والمراهقين وزرع الأفكار الهدامة التي تفرق بين الآباء والأولاد.

أحمد مانع 44 عاما من أبناء محافظة ذمار يروي لـ”تهامة 24″، كيف تمرد عليه اثنان من أبناءه بعدما تم شحنهم بالأفكار الحوثية الهدامة.

يقول أحمد: كان ابني ذو الـ 19 عاما يساعدني في أعمال الزراعة وكان عنده من الفطنة والذكاء والنشاط ما يفوق اخوانه الأكبر منه سنا وكان يعاملني بكل أدب واحترام وينفذ توجيهاتي حتى أنني أحببته بدرجة أكبر من الباقيين قبل أن يحدث له تغييرا جذريا من العناصر الحوثية.

يؤكد أحمد لتهامة 24، أن علاقته لم تستمر مع ولده رسيل فقد تسللت مليشيات الحوثي وعن طريق أحد عناصرها في القرية التي أوكلت اليه مهمة استقطاب الأطفال والنشء والمراهقين حيث اقترب من رسيل وكانوا يتعاطى القات معه لفترة طويله حتى نجح في تحقيق ما تريده الجماعة.

ويضيف: “كنت ألاحظ المشرف الحوثي مهتم بولدي بدرجه كبيره وكان يقوم بشراء القات من ولدي الذي كان يبيعه من مزرعتنا الذي يشرف عليها ويشتغل فيها ويصر على تعاطي القات في المزرعة بجوار ابني بحجة أنه يحبه وانه صديق عزيز..  الخ ولم أكن اعرف ما الذي يخفيه ذلك الثعلب الا بعد أن تفاجأت بذهاب ولدي في دورة مع المليشيات دون علمي ولم يستشيرني حتى”.

عاد رسيل بعد عدة أشهر حاملا بندقية حصل عليها من المليشيات وقد تحول إلى شخص آخر مختلف تماما حيث أصبح مشحونا بالأفكار المغلوطة والهدامة

يقول أحمد لقد تحولت في نظر ابني بعد عودته إلى شخص منافق وظال ووصل به الأمر إلى تهديدي بالسلاح اذا انتقدت عبدالملك الحوثي وقد نجح بمساعدة المشرف في اقناع أخاه الأكبر منه ليذهبا معا وكالعادة يذهبون دون علمي ولم أعد أعني لهم شيء انا وأمهم.

ويتضاعف الخطر مع امتداده لعقول النشء في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، من خلال قيام الجماعة بتغييرات خطيرة في المناهج الدراسية تكرس لفكرتها العنصرية في عقولهم وتفخيخها بأفكار العنف والموت، منذرة بتصدع المجتمع وتمزيق نسيجه الاجتماعي.

أحمد حسن مواطن آخر يؤكد لـ”تهامة 24″ أن ولده ذهب دون علمه دون أن يتجاوب او يهتم بمطالب أبوه وأمه بعدم الذهاب

ويقول حسن: بذلت الجهود في إقناع ولدي بعدم الذهاب مع الحوثي وارسلته للدراسة في كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء ولم أكن اعرف ان الكلية نفسها قد أصبحت محطة لنشر الأفكار الحوثية

ويضيف: “لقد عاد ابني بعد أن أكمل سنة أولى وذهب مع الجماعة دون أن يتفاهم معي والآن لا أعرف عنه شيء منذ أكثر من شهر”.

لقد أصبح حسن والعائلة في نظر ابنهم مجرد منافقين ومخدوعين بأمريكا وإسرائيل حسب زعم ولدهم.

وتنتهج جماعة الحوثي التحريض والتعبئة في أوساط مسلحيها عند كل عودة إلى ثكنات التدريب، حيث يتم شحن الفرد وتعبئته بالكثير من الأفكار المنحرفة وإسقاط الكثير من النصوص الدينية في غير محلها، لإيصال فكرة مفادها أن كل من لا يتبع المسيرة الحوثية فهو لا يخلو من أمرين، إما الكفر أو النفاق، وهاتان الفئتان لا تستحقان الحياة، ومن صور التقرب إلى الله أن يتم التخلص منهما.

ومن خلال مشاهد القتل وكثرة الضحايا من المغرر بهم من الحوثيين والذين يتم إقحامهم في المعارك يتولد لدى الكثير من مسلحيهم شعور بالمظلومية التي يعيشها الحوثيون، يصاحب ذلك التحريض العدائي والشحن الطائفي والتعبئة المغلوطة مع ما يرفعه الحوثيون من شعارات تحررية وجهادية ووطنية مزعومة ليصلوا بعد هذه المتلازمات إلى خلاصة مفادها أن كل من يعارض الحوثيين أو ينال منهم فهو يستحق القتل ولو كانوا آباء وأمهات.

ويتم التأكيد على ذهن الفرد الحوثي أن يغلق أذنيه من أي مصدر عدا توجيهات الجماعة، وما عداها فهو ضلال مبين، وكل هذا الغسيل يتم لفئة معينة من الشباب، تتسم بالجهل، والمراهقة، ليصبح قتل الآباء والأمهات نتيجة طبيعية، لهذا الغسيل القذر من الأفكار والتعبئة العنيفة.

دورات تكفيرية

وتزج المليشيات الحوثية بالشباب والمراهقين والأطفال الذي يتم استقطابهم في دورات تكفيرية يتلقون فيها فكرا ارهابيا وتحريضا لاستباحة دماء وأموال المخالفين لمعتقداتهم بالخرافة.

نتيجة لتلك التعبئة الطائفية التكفيرية، والتي تصور مليشيا الحوثي للملتحقين بالدورات التابعة لها أن كل من يخالف معتقداتها كفارا وضالين، وأن أرواحهم ودماءهم وأموالهم ولو كانوا آباءهم وأمهاتهم، مستباحة لها ولمجاهديها الذين يمثلون الإسلام الحقيقي على وجهه المعاصر والمدافعين- حد رؤيتهم- وهم الحراس والحامون له من أعدائه.. وبسبب هذا الشحن يسقط العديد من الأبرياء وفي مقدمتهم آباء وأمهات وأقارب تلك العناصر المشحونة.

مراكز التفخيخ

وتعتمد مليشيا الحوثي لغسل أدمغة الملتحقين على العديد من الوسائل والأساليب في مقدمتها ما يسمى “بالمراكز الصيفية “، والتي تحرص مليشيا الحوثي على تنظيمها بشكل مستمر، وتنهب المليارات من اليمنيين وبالقوة والحيل لأجل انفاقها على هذه المراكز التي تعد في الحقيقة ثكنات والغام مزروعة في طريق مستقبل اجيال اليمن، وقنابل موقوتة في مستقبل المنطقة العربية كلها.

أي ان هذه المراكز أصبحت فقاسة إرهابيين نتيجة مخرجاتها فجميع الجرائم الأسرية يرتكبها عناصر بعد خروجهم من مراكز صيفية أو من دورات طائفية عنصرية تكفيرية اول من يكتوي بنار إرهابها أباء وأقارب الملتحقين بها.

تحذيرات أممية

وكان تقرير فريق الخبراء الأممي، الصادر في يناير من العام 2022، كشف عن مقتل 2000 طفل جندتهم ميليشيا الحوثي في أقل من سنتين. كما كشف، عن جرائم جسيمة ارتكبتها ميليشيا الحوثي بحق الأطفال منها “الاغتصاب” خلال الدورات الطائفية.

وقال التقرير الذي قدم لمجلس الأمن، إن الحوثيين مازالوا يقيمون معسكرات ويعقدون دورات لتشجيع الشباب والأطفال على القتال.

وأضاف أن “تشكل المخيمات الصيفية والدورات الثقافية التي تستهدف الأطفال البالغين جزءاً من استراتيجية الحوثيين الرامية إلى كسب الدعم لأيدولوجيتهم، وتشجيع الناس على الانضمام للقتال”.

مقالات ذات صلة