قدوم رمضان.. فرحة غائبة في اليمن تحت وطأة الحرمان
بعد أيام يحل شهر رمضان المبارك على اليمنيين، وليس هناك الا أخبار المآسي والدمار والانهيار الاقتصادي الذى يعكر عليهم معنى الابتهاح بشهر اعتادوا على استقباله بالكثير من الاستعدادات التى لم يعد لهم اليوم طاقة فيها.
فقد غابت مظاهر الاحتفال بالكثير من المناسبات التي اعتادوا من قبل على الاستعداد لها باعتبارها أياما لها خصوصيتها الجميلة لهم.
تختفي كل ملامح الفرحة بقدوم شهر رمضان المبارك لدى التربوي (عبدالله جعفر) بعد أن وجد نفسه غير قادر على شراء وتوفير احتياجات ومتطلبات الشهر الكريم.
يقول جعفر لـ«تهامة 24»، “منذ انقطاع مرتبي وأنا أعمل في الزراعة التي بالكاد توفر لي لقمة العيش الضرورية ولم أعد قادرا على توفير كل تكاليف الزراعة من ديزل ومبيدات وعمال نظرا لانخفاض القيمة السوقية للمحاصيل في السوق” .
ويضيف جعفر: “رمضان بالنسبة لي سيكون كسائر الأيام الماضية فأنا لا أملك أدنى قدر من المال لأبدأ استعداداتي لاستقبال هذا الشهر لذلك لافرق سأظل اكافح وأتذوق المعاناة في شراء الدقيق”.
ويختتم جعفر حديثه قائلا: “نستقبل شهر رمضان بحالة من البؤس بسبب تردي وضعنا المعيشي بينما مليشيات الحوثي لا تهتم سوى بنفسها ولا تفكر بمعاناتنا وأوضاعنا”.
ووسط هذه المعاناة يتناسى اليمنيون رغباتهم في كل شيء ويتطلعون للحياة كأقل حق، والخروج من وضعهم المتردي، وهم اليوم لم يعودوا يكترثون لطقوسٍ كانوا يقيمونها سنوياً في استقبال شهر رمضان، غير أنهم يحاولون تجاهل قدومه ربما تعمداً أو دون قصد نتيجة وضعهم المُر الذي أنساهم كل شيء وتركهم يفكرون فقط في الخلاص من انقلاب المليشيات واستبدادها المستشري في مناطق سيطرتها.
يقول (سعيد الحاج) وهو عامل بالأجر اليومي لـ«تهامة 24»: ” حرمتنا المليشيات من متطلبات العيش الكريم وأصبحت نفسيات الناس سيئة جدا بالإضافة إلى التجار الذين يضاعفون معاناتنا على مرأى ومسمع سلطات الحوثيين”
ويضيف الحاج ” نفتقر لمقومات الحياة، حتى أننا لم نحصل على ما يكفي من الطعام، ولا نجد سبيلاً لذلك خاصة واننا نعيش في منطقة تسيطر عليها المليشيات الحوثية حيث لا فرص للعمل ولا وجود للمساعدات الإنسانية التي يصادرها الحوثيون ويبيعونها في الأسواق” .
ويستطرد “اعتدنا خلال شهر رمضان بتزيين مائدتنا بأكلات متنوعة ومشروبات معينة ولكن في ظل حكم المليشيات أصبح الجميع فقراء ولا نرى اليوم مايبشرنا بقدوم رمضان”.
ويزاد الوضع سوءا يوما بعد آخر مع استمرار سيطرة مليشيات الحوثي على السلطة ، لتلقي بظلالها على مختلف مناحي حياة المواطن اليمني، الذي يعيش كفريسة عاجزة عن فعل شيء يخفف من معاناته.
صراعات مستمرة
وتبددت آمال اليمنيين بانتهاء الحرب وتحسن الأوضاع بعد أن فتحت مليشيات الحوثي الإرهابية جبهة جديدة في البحر الأحمر وكأن قدر المواطن اليمني أن يعيش في صراعات مستمرة مع الإرهاب الدولي والمحلي.
الناشط فاروق المعلمي يقول لـ«تهامة 24»، “لم تستمر فرحة المواطن اليمني بوقف حروب البر مع التحالف العربي والحكومة الشرعية حتى لوثت مليشيات الإرهاب الحوثي البحر الأحمر أسوة بالبر، وقامت بفتح جبهة جديدة مع المجتمع الدولي والمواطن هو الخاسر الوحيد” .
ويضيف ” في مناطق الحوثي فقط لم يعد رمضان مرحباً به كما كان ربما انشغال الناس بتوفير لقمة العيش هو ما جعلهم ينسوا شهر رمضان فشهر رمضان لم يعد للعبادة وقراءة القرآن وقيام الليل بل شهر يصارع فيه المواطن اليمني ضروف الحياة وضروريات العيش” .
ارتفاع الأسعار
ويشكو تجار في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي ومناطق يمنية أخرى من نقص حاد في مخزون السلع الأساسية والغذائية، وارتفاع أسعارها بشكل كبير، بفعل ارتفاع تكلفة الشحن والتأمين البحري، وعزوف كثير من شركات الشحن العالمية عن التوجّه إلى موانئ اليمن، المطلة على البحر الأحمر، بعد أن نجحت مليشيا الحوثي في إشعاله وعسكرته.
وفي تقرير حديث لها، توقعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO) أن ترتفع أسعار السلع الغذائية الأساسية والوقود بشكل موسمي، في الفترة من مارس حتى مايو 2024، استجابة للطلب المتزايد خلال شهر رمضان المبارك والعيد، وبسبب الآثار غير المتوقعة للتصعيد المستمر في البحر الأحمر.
وحذّرت المنظمة من تفاقم شديد للأزمة الغذائية في شمال البلاد مع الشهر الأخير للنصف الأول من العام الجاري، وقالت: “من المتوقع حدوث أزمة خطيرة لانعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، اعتباراً من يونيو القادم، عند بداية موسم العجاف، وفي ظل غياب المساعدات الغذائية الإنسانية”.