اليمن

الدورات الصيفية للحوثيين ظاهرها التعليم وباطنها التجنيد

منذ سنوات تواصل مليشيا الحوثي، إقامة دورات خلال فصل الصيف للعديد من الأطفال والفتيان، في مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرتها شمالي اليمن.

وتسمي المليشيا هذه الأنشطة “دورات صيفية” يتم عبرها استقطاب مئات الآلاف ممن هم في سن الدراسة، وسط انتقادات واسعة للحوثيين المتهمين بتحشيد عدد هائل من الأطفال والشباب من أجل تجنيدهم عسكريا أو فكريا.

وحظي صيف هذا العام بزخم كبير تمثل في حضور عدد كبير للغاية من الطلاب لهذه الدورات التي تزامنت مع تحشيد كبير للمليشيا لهؤلاء في مسيرات وتظاهرات يتم فيها رفع شعارات الحوثيين وأفكارهم، إضافة إلى لافتات تشير إلى التضامن مع فلسطين.

وفي 9 من يوليو الجاري نظمت المليشيا حفلا ختاميا لهذه الأنشطة في العاصمة صنعاء، حضره آلاف الطلاب في ميدان السبعين (أكبر ميادين اليمن) .

وخلال هذا الحفل، كشف محمد المؤيد وزير الشباب في حكومة الحوثيين (غير معترف بها دوليا) أن “إجمالي من التحقوا بالدورات الصيفية بلغ مليوناً و100 ألف طالب وطالبة”.

وأضاف أن الطلاب والطالبات “تلقوا في هذه الدورات معارف ومهارات في مختلف المجالات لتعزيز قدراتهم بما يسهم في إيجاد جيل واع متسلح بالثقافة القرآنية”. وتواجه مليشيا الحوثي انتقادات باتخاذ الأنشطة الصيفية غطاء لتجنيد العديد من الأطفال، وذلك عبر غسل أدمغتهم بأفكار طائفية بما يخدم مشروعها التوسعي في اليمن.

وفي أبريل 2024، حذر وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني، من مخاطر ” فتح مئات المعسكرات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين لاستدراج وتجنيد الأطفال بالقوة تحت غطاء “المراكز الصيفية”.

وقال الإرياني في بيان إن” ميليشيا الحوثي عمدت منذ انقلابها على تنظيم معسكرات للأطفال لنشر أفكارها الدخيلة على اليمن، وغسل عقول الأطفال بشعاراتها الطائفية وثقافة الحقد والكراهية”.

وأشار إلى أن مليشيا الحوثي تحول هؤلاء الأطفال “إلى أدوات للقتل والتدمير، ووقود لمعاركها التي لا تنتهي، وقنابل موقوتة لا تمثل خطراً على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي في اليمن فحسب، بل هم يشكلون تهديدا جدياً للأمن والسلم الإقليمي والدولي”.

واستغلت مليشيا الحوثي أيضا الحرب الدائرة في قطاع غزة، لتجنيد العديد من اليمنيين تحت لافتة” محاربة إسرائيل “.

وفي 9 يوليو الجاري، تم في محافظة تعز اختتام هذه الدورات الصيفية للحوثيين، باستعراض هؤلاء الأطفال الذين وضعوهم على متن عربات عسكرية وهم يرفعون علم فلسطين ويرددون شعارات المليشيا، وهي إشارات إلى مسألة اتخاذ الأطفال في أنشطة عسكرية.

وينفذ الحوثيون دورات تعبئة في مراكز متعددة، حيث يتم جلب أشخاص يقدمون خطبا حماسية تهدف في النهاية إلى استدماج (هضم) فكر الجماعة، بما يشبه التنشئة الاجتماعية القائمة على أفكار أيديولوجية متشددة.

وكشفت المحامية اليمنية سلمى عبدالله ، لوكالة الأنباء الألمانية كيفية استدراج الحوثيين الأطفال إلى صفهم بعد غسل أدمغتهم بأفكار طائفية.

وقالت عبدالله(اسم مستعار)، إن” مليشيا الحوثي تعمد منذ سنوات على تنظيم دورات صيفية وأخرى تسميها المليشيا “ثقافة قرآنية” يتم عبرها غرس الأفكار الطائفية الخطيرة في أدمغة المتلقين”.

وأضافت أن هناك دورات ” يتم عبرها استقطاب فتية من محافظات متعددة، يتلقون خلالها محاضرات مكثفة على مدار أربعين يوما”.

وأشارت إلى أنه” خلال هذه الدورات ينقطع الأطفال أو الشباب الحاضرين عن أهاليهم، ولا يتم السماح لهم حتى باستخدام الهاتف “.

وذكرت أنه تتم تعبئة الحاضرين بأفكار مؤسس الجماعة حسين بدرالدين الحوثي عبر كتب تسمى” ملازم “، مع تلقي محاضرات مسجلة لزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، إضافة إلى ترديد شعارهم “الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام “.

وأوضحت أن “من يحضرون هذه الدورات يخرجون منها بفكر طائفي متشدد، وبعدها يتم الزج بهم في معسكرات المليشيا في جبهات القتال”.

وأفادت بأن اثنين من أقاربها تم استقطابهما في هذه الدورات، أحدهما تم أخذه بالقوة وأصبح بعدها عسكريا في صفوف الحوثيين.

وبعد أن تتم تعبئة الأطفال بأفكار الجماعة، يصبح العديد منهم راغبين في الاشتراك بالقتال الذي يعد من وجهة نظرهم رمزا للرجولة أفضل من مواصلة التعليم.

وبات لافتا استخدام أطفال وفتية في نقاط عسكرية أو مقاتلين في الجبهات، حيث تشير تقارير دولية وأممية إلى أن الحوثيين جندوا آلاف الأطفال.

وتؤكد صور القتلى التي ينشرها الحوثيون على نطاق واسع لضحايا عناصرهم وجود أطفال بينهم فتية قد لا يتجاوز أعمارهم 15 عاما.

وكان عبدالرحيم (15 عاما) من محافظة حجة شمال غربي اليمن، يدرس في الصف التاسع، لكنه ترك التعليم بعد أن حضر دورة للحوثيين. وتقول والدته لوكالة الأنباء الألمانية إن ولدها ” أصبح مجندا في صف الحوثيين، ورفض فكرة التعليم بعد استقطابه بدورات تسميها الجماعة قرآنية”.

وأعربت عن خشيتها أن يتعرض ولدها لمكروه في جبهات القتال، خصوصا أن اثنين من أشقائها لقيا مصرعهما وهما يقاتلان في صفوف الحوثيين.

وأشارت إلى أنها حاولت مرارا إقناعه بالعدول عن الالتحاق بصفوف الحوثيين، لكنه رفض.

وفضلت بعض الأسر اليمنية مغادرة المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، خشية أن يتم استقطاب أطفالها عنوة من الجماعة.

وأفاد أبو أيمن، في العقد الرابع، أنه “غادر العاصمة صنعاء إلى محافظة تعز، حفاظا على أطفاله الثلاثة من استقطاب الحوثيين “. وأضاف “غادرت صنعاء كي أحمي أطفالي من العنف.. لا أريد أن يتحول صغاري إلى وقود للحرب في معسكرات الحوثيين”.

وأشار إلى أن “معظم المدارس في مناطق سيطرة الحوثيين أصبحت خطيرة وغير آمنة على حياة الأطفال الذين قد يتعرضون لاستقطاب فكري أو عسكري، وقد لا يعودون إلى منازلهم إلا جثثا هامدة بعد أن يتم الزج بهم في جبهات القتال التي تسميها الجماعة “العز والشرف”.