أزمة جديدة تضاعف متاعب السكان في مناطق الحوثي
تتجه الأنظار نحو إحدى الأزمات الاقتصادية المتزايدة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، حيث أُعلنت المليشيات مؤخرًا عن رفع الرسوم الضريبية على الملابس والأحذية والحقائب المستوردة، ما أثار ردود فعل غاضبة من السكان الذين يعانون من ظروف إنسانية صعبة.
وفرضت مليشيا الحوثي رسوم ضريبية تجاوزت نسبة 100%، وبررت قرارها بأنه جاء “لحماية الإنتاج المحلي”، وهي ذريعة أثارت سخرية الناس وسخطهم بشكل واسع. من المعروف أن اليمن يعاني من نقص حاد في المصانع التي تنتج الملابس والأحذية، مما يجعل هذا المبرر غير مقنع لمواطني البلاد.
تأثير القرار على تجار الملابس والسوق
نتيجة لذلك، أغلق تجار الملابس في صنعاء، أبواب محالهم ومخازنهم في “سوق باب السلام” بمنطقة باب اليمن، الذي يعد أكبر الأسواق اليمنية التاريخية لاستيراد وتصدير الملابس والأقمشة والأحذية ومواد التجميل والبخور، وذلك للمرة الأولى منذ عقود.
من جانبها، أصدرت النقابة العامة لتجار الملابس والأقمشة والأحذية في صنعاء بياناً طالبت فيه كل تجار الملابس والأحذية والحقائب بإغلاق المحال التجارية بالكامل ابتداء من الـ11 من سبتمبر/ أيلول الجاري وحتى إلغاء التعميم الحوثي رقم (15/33)، الصادر من وزير المالية (التابع للحوثيين) في شأن زيادة الرسوم الجمركية والضريبية على الملابس المستوردة”.
ووصفت نقابة تجار الملابس القرار الحوثي بـ”التعسفات والابتزازات والتعميمات غير القانونية”. وقالت “إنه اتخذ بصورة فردية وارتجالية وغير مدروسة”.
حماية المنتج المحلي
ورداً على احتجاج التجار وإضرابهم الذي بدأوا تنفيذه منذ الخميس، قالت مليشيا الحوثي في بيان صادر عن “مصلحة الضرائب” التي تسيطرون عليها كباقي المرافق والقطاعات الحكومية منذ انقلابهم في سبتمبر/ أيلول 2014، إن “القرار المتخذ بصورة نهائية في المنافذ الجمركية تم لحماية المنتج المحلي من ناحية ولتشجيع المستوردين على الإنتاج في البلاد وتوفير فرص عمل إضافية من ناحية أخرى”.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن عدد من التجار قوله إن نقابتهم ومعها كبار موردي الملابس والتجار يجرون لقاءات مستمرة لمناقشة جملة من المقترحات والإجراءات التصعيدية المنتظرة، لو مضى الحوثيون في فرض قراراتهم.
إحلال وإبدال
من جهة أخرى، عدَّ الباحث الاقتصادي عبدالواحد العوبلي أن “الحوثيين يمارسون هذه الإجراءات التي تهدف في مجملها إلى فرض عمليات إحلال وإبدال تجار من سلالتهم بدلاً من التجار اليمنيين التاريخيين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم”.
وقال العوبلي في تصريح لـ”اندبندنت عربية”، إنه “حتى فكرة إضراب التجار وإغلاق محالهم لن تجدي نفعاً بل ستضرهم وستغلق دخلهم الوحيد فيما لن يتضرر الحوثي”.
وأضاف “دائماً لا بد نتذكر أن الحوثي ميليشيات سلالية استعلائية تهدف إلى إخراج كبار تجار الملابس من الأسواق والمراكز والمحال التاريخية بعد أن أخرجوا تجار غالب القطاعات واستبدلوهم بآخرين تابعين للجماعة والسلالة”.
وتابع العوبلي “بعد أن يحل الحوثي بتجار من مناصريه في السوق، لن يدفعون ضرائب ولكنهم في الوقت ذاته سيرفعون أسعار الملابس بالنسبة التي يقررونها بحجة أن هناك زيادة ضريبة، فيما الناس يتحملون جشعهم ونهبهم كالمعتاد منذ 10 أعوام”.
بالتالي فإن الإضراب وفقاً للعوبلي “لن يضر إلا تجار الملابس أنفسهم ولن يشكل أداة ضغط على جماعة إرهابية مثل ميليشيات الحوثي”.
انهيار مقيم
وفي حال مضى الحوثيون في إجراءاتهم فستشهد أسعار الملابس زيادة مضاعفة في بلد يشكو سكانه من ارتفاعها أصلاً قبل الزيادة، التي لا يعرف كيف سيتعامل معها الأهالي مع بداية العام الدراسي واقتراب حلول فصل الشتاء القارس. إذ يعاني السكان من غلاء كبير في أسعار المواد الغذائية والضرورية والأدوية، وفاقم من معاناتهم انقطاع الرواتب منذ ثمانية أعوام مع رفض الجماعة المدعومة من إيران صرفها، واعتقال وتعذيب من يطالب بها بتهمة “التحريض والعمالة لإسرائيل”.
ونتيجة لهذه الممارسات شهدت البلاد أزمة اقتصادية فادحة مع انهيارات متتابعة لقيمة الريال المحلي أمام العملات الأجنبية، مع ركود اقتصادي تكشفه أرقام الضعف غير المسبوق في القيمة الشرائية للمواطنين، يقابل بمزيد من الجبايات والرسوم الجمركية والضريبية التي تفرضها الجماعة على التجار والمواطنين، مما دفع بقطاع واسع منهم للهجرة وبعضهم إلى الإفلاس.