مقالات

حين دخل الحوثي صنعاء: من جرعة النفط إلى جرعات الألم الأبدي

دخل الحوثي صنعاء رافعًا شعار الخمسمائة، متوعدًا بإسقاط جرعة اقتصادية أثقلت كاهل المواطن. لكن بعد كل تلك السنوات، هل حقًا حقق ذلك الوعد؟ الواقع يُظهر أن الخمسمائة التي توعد بإسقاطها قد تحولت إلى جراحٍ أعمق وأزماتٍ لا تُحصى، والأخطر من ذلك، أن اليمن أصبح يتجرع جرعات من المعاناة أبدية لا يبدو أن لها شفاء.

لقد دخلت المناوشات مع إسرائيل على الخط، كأنها سلاحٌ إضافي لإلهاء الشعب وتحويل الانتباه عن الأزمات الداخلية. في خضم رفع شعارات المقاومة، ضاع اليمنيون بين وعودٍ واهية وصراعاتٍ لا ناقة لهم فيها ولا جمل. فإذا كانت تلك المناوشات محاولة لتبرير الوضع المزري، فهي لم ولن تسقي اليمن إلا مزيدًا من الفوضى، ولن تترك في تاريخ البلاد إلا ندوبًا لا تندمل.

يا حوثي، جرعة الخمسمائة التي كانت مدخلك إلى صنعاء تحولت إلى جرعة من الألم الشامل، لم يسلم منها لا اليمنيون ولا تاريخهم. الوطن بات غارقًا في أزماتٍ متلاحقة، والأبناء يتوارثون المعاناة جيلًا بعد جيل. لقد أفرغت شعاراتك من أي معنى حقيقي، حين تركت الناس يتجرعون ويلات الحروب، وكأنك قد أطلقت عليهم جرعة أبدية من الوجع، لا شفاء بعدها لأي يمني.

في كل مرة ترتفع فيها شعارات المواجهة مع إسرائيل، يُغفل حقيقة أن اليمنيين يبحثون عن لقمة عيشهم، وينتظرون من يضع حدًا للغلاء والفقر والجوع، لا من يدفعهم إلى صراعاتٍ لا تنتهي. فإذا كان التاريخ سيشهد على شيء، فإنه سيشهد على معاناة وطنٍ لم يجد بين المناوشات وحروب الشعارات سوى جرعاتٍ من اليأس المستمر.