ياسمين: قصة صمود في مواجهة تحديات الإعاقة في اليمن
منذ ولادتي، عشت مع ساق قصيرة وأخرى طبيعية، لكنني لم أدع إعاقتي تحدد هويتي أو تمنعني من تحقيق أحلامي”، تقول ياسمين البصير، الشابة اليمنية البالغة من العمر 21 عاما.
تعكس قصة ياسمين آمال ملايين الأطفال في اليمن، حيث تشير التقارير إلى أن 18% منهم يعانون من إعاقات مختلفة.
على الرغم من التحديات التي واجهتها، من التنمر إلى نقص الدعم الاجتماعي، استطاعت ياسمين تحويل معاناتها إلى دافع لمساعدة الآخرين، مما جعلها مناصرة لحقوق الأطفال وملهمة للكثيرين في مجتمعها.
نشأت ياسمين وهي تعاني من عدم فهم الأطفال في عمرها لحالتها حيث كان البعض يرفض اللعب معها لأنها مختلفة عنهم. تقول: “عندما كنت طفلة، بينما كان الأطفال الآخرون يلعبون ويمرحون، كنت أحاول اللعب معهم لكن بعضهم ممن لم يكن أولياء أمورهم يشجعوهم على اللعب معي، كانوا يرفضون اللعب معي”. أدى عدم مقدرة الأسرة والمجتمع في توفير الأجهزة المساعدة والبيئة الشاملة إلى الحد من تفاعل ياسمين مع الأطفال الآخرين وقتها. وعلى الرغم من جهودها، شعرت ياسمين غالبًا بلسعة التعاطف من المحيطين بها. كان حلمها بسيطًا ولكنه عميق: المشي بحرية بدون عكازات. تقول: “أردت أن أحمل حقيبة كتف وأشعر بيدي، خالية من علامات العكازات”. ومع ذلك، فإن تكلفة وتوفر ساق اصطناعية في اليمن جعلت هذا الحلم يبدو مستحيلاً. لقد أدى الصراع المستمر منذ تسع سنوات إلى تفاقم التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة، مما يجعل من الصعب الوصول إلى الخدمات الأساسية والدعم.
لم يتزعزع عزم ياسمين أبدًا.
حتى حين بلغت ياسمين الثانية عشرة من عمرها، لم تكن لديها ساق اصطناعية. “بينما كان العلم يتقدم وكان الناس يتجهون إلى الفضاء، لم تكن ساقي الأخرى قادرة على الوصول إلى الأرض”، تقول ياسمين. لقد زادت الحرب في اليمن من تعقيد حياتها عندما اغلقت المدرسة أبوابها بسبب الحرب واضطرت للإلتحاق بمدرسة أخرى حيث واجهت التنمر والتمييز.
على الرغم من هذه الصعوبات، تفوقت ياسمين أكاديميًا. تقول ياسمين “كنت دائمًا في أوائل الصفوف. لكن لم تكن بمدرستها تلك بيئة صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة تسمح لهم بالسير على عكازات إلى المسرح لتلقي جوائزها، ولم تقبل التنوع كطريقة طبيعية للحياة. وعلى الرغم من هذه الحواجز الاجتماعية التي تحول دون المشاركة، فقد انضمت ياسمين إلى برلمان الأطفال حين كانت في الصف التاسع، حريصة على الدعوة إلى التغيير، نحو مجتمع أكثر شمولاً يقبل التنوع. بالإضافة إلى ذلك، شاركت ياسمين في أنشطة لليونيسف للدعوة إلى حقوق الطفل مثل السلام وحقوق الأطفال ذوي الإعاقة. كتبت ياسمين رسالة من الأطفال في اليمن، سلمت الرسالة إلى ممثلة اليونيسف في ذلك الوقت، والتي شاركتها بدورها مع المديرة التنفيذية لليونيسف. أشعلت هذه التجارب شغف ياسمين بالمشاركة في الفرص التي تشعر فيها بالإندماج.
لقد برزت مرونة ياسمين عندما حصلت أخيرًا على ساق اصطناعية بعد الكثير من المثابرة والأمل. تقول: “كان تدريبي الأول بالساق الاصطناعية صعبًا. تعثرت وسقطت، لكن أملي ورغبتي في المشي أبقوني مستمرة”. لقد اتخذت رحلة ياسمين منعطفًا مهمًا عندما اكتشفت مجال الأطراف الصناعية. “في البداية، لم أكن أعلم بوجود هذا المجال من الدراسة في اليمن. سمعت عنه عندما كنت أدرس في جامعتي السابقة”، كما توضح. فتحت زياراتها المتكررة لمركز الأطراف الصناعية في صنعاء ومنحة حصلت عليها لدراسة الأطراف الصناعية، فتحت لها فرصة جديدة.
لم تكن دراسة الأطراف الصناعية خالية من التحديات. تقول ياسمين”نظرًا لأن تخصصنا له تطبيق عملي أكثر من النظري، فإن الوقوف لفترات طويلة في المختبر يتعبني لكنه لا يثنيني على العمل”. وعلى الرغم من هذه العقبات، تظل ياسمين مصممة على التفوق في مجالها. هدفها هو تحسين جودة الأطراف الصناعية لنفسها وللآخرين، وخاصة أولئك في المناطق الريفية الذين يواجهون صعوبات في الوصول إلى العلاج. “شعرت بروعة الإنجاز عندما نجحت بأول تطبيق عملي في صنع طرف صناعي أنا وقلة من الطلاب. كان الطرف الصناعي الذي صنعه كل واحد منا ممتاز”.
إن رحلة ياسمين هي شهادة على قوة الروح البشرية. وتؤكد قائلة: “نحن جميعًا بشر، ونواجه جميعًا تحديات. يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة الحركية تحديات فريدة، لكننا لسنا مختلفين أو أقل قدرة”.
تدعو ياسمين من أجل مزيد من الدعم والتفهم للأشخاص ذوي الإعاقة. كما تؤمن ياسمين أن الحواجز الاجتماعية التي تحول دون المشاركة هي التي تعيق الناس وليس ظروف الإعاقة نفسها التي يعيشون فيها.