اليمن

المنظمات الأجنبية تحت المجهر.. تقرير يكشف اختلالات العمل الإنساني في اليمن

كشف مصدر حكومي يمني عن عمليات احتيال تمارسها بعض المنظمات الأجنبية غير الحكومية بهدف الاستيلاء على أموال المانحين والسيطرة على جزء كبير من المساعدات المخصصة للمتضررين من الأزمة الإنسانية في اليمن.

وأوضح مصدر مسؤول في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”، أن العديد من هذه المنظمات لا تمتلك سجلاً حقيقياً للأنشطة الإغاثية، وتستغل حالة الفوضى التي خلفها الصراع في البلاد للحصول على تمويل من الجهات المانحة.

وبحسب المصدر، فإن بعض المنظمات الأجنبية تدخل الساحة الإغاثية دون امتلاك التراخيص اللازمة في بلدانها الأصلية، مما يثير تساؤلات حول مصداقيتها وأهدافها.

وأعرب المصدر عن استغرابه من آلية تعامل الجهات المانحة، التي تتيح لهذه الكيانات فرصة الوصول إلى تمويلات ضخمة دون تدقيق كافٍ، رغم إمكانية التحقق بسهولة من مدى التزامها وجديتها.

وأكد أن الحكومة اليمنية رصدت عدداً من هذه المنظمات، واتخذت إجراءات لوقف نشاطها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، إلا أن كثيراً منها لا يزال يعمل بحرية في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث تغيب الرقابة الفعالة.

ووفقاً لتقرير صادر عن المركز اليمني للسياسات، فإن غياب الشراكة الحقيقية بين المنظمات الأجنبية غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني المحلية أدى إلى انعدام الثقة بين الطرفين، حيث تستحوذ المنظمات الدولية على القرارات الرئيسية، فيما تُهمش المنظمات المحلية، مما يحد من استقلاليتها وقدرتها على العمل بفعالية.

ويفيد التقرير بأن هذه الهيمنة تحول دون تطوير شراكات متكافئة وتعزز مناخاً تهيمن فيه المنظمات الأجنبية على التمويل وعمليات التخطيط والتنفيذ، بينما تقتصر مشاركة المنظمات المحلية على تنفيذ المشروعات دون مساهمة فعلية في صياغة سياسات الإغاثة.

ويشير التقرير إلى أن هذه الديناميكية تؤدي إلى ضعف القدرة التفاوضية لمنظمات المجتمع المدني المحلية، إذ لا تحصل إلا على نسبة ضئيلة من ميزانيات المشاريع، بينما تذهب الحصة الأكبر لتغطية نفقات التشغيل للمنظمات الأجنبية.

ونتيجة لذلك، تجد المنظمات المحلية نفسها غير قادرة على تمويل أنشطتها أو بناء قدراتها الداخلية، مما يرسخ تبعيتها للتمويل الخارجي ويحد من استقلاليتها في اتخاذ القرارات التي تخدم الاحتياجات الفعلية للمجتمعات المحلية.

وتوضح النتائج التي توصل إليها التقرير أن كثيراً من المنظمات الأجنبية توجه تمويلها نحو الكيانات الكبرى ذات النفوذ، متجاهلة المنظمات المحلية التي تمتلك معرفة أعمق باحتياجات المجتمعات اليمنية.

ويفاقم هذا التجاهل من تهميش الشركاء المحليين ويؤثر سلباً على استدامة أنشطتهم، مما يحول دون تحقيق تنمية حقيقية قائمة على الرؤى المحلية.

ويحذر التقرير من أن فرض سياسات صارمة من قبل الجهات المانحة يقلل من قدرة المنظمات المحلية على التكيف والابتكار، وهو أمر ضروري لتحقيق استجابة إنسانية مستدامة.

ويضرب التقرير مثالاً على ذلك بفشل بعض مشاريع النظافة الصحية التي تم تنفيذها في مناطق تعاني من المجاعة، حيث لم تأخذ تلك المشاريع في الاعتبار الاحتياجات الفعلية للسكان، الذين يفتقرون إلى الغذاء قبل أي شيء آخر.

ويطالب معدو التقرير بضرورة تبني سياسات تضمن التوطين الفعلي للمساعدات، من خلال تمكين منظمات المجتمع المدني المحلية، ومنحها دوراً أكبر في تحديد الأولويات وصياغة السياسات الإغاثية.

كما يدعون إلى إعادة النظر في آليات التمويل، بحيث تخصص ميزانيات لدعم بناء قدرات المنظمات المحلية، وتعزيز شراكات قائمة على التعاون الحقيقي، بدلاً من العلاقات التعاقدية التي تكرس التبعية وعدم التكافؤ.

مقالات ذات صلة