فضيحة التفاوض مع الحوثي واثارة صراع آخر
قيام السعودية بإرسال وفد إلى صنعاء مقابل قيام الحوثي بإرسال وفد إلى الرياض فيما يخص قضية الأسرى أمر لا غبار عليه، لأنه يتعلق بالجانب الإنساني الذي يجب فصله عن الجانب السياسي والذي لا زالت المملكة متمسكة فيه من خلال استمرارها في العمل لتصنيف الحوثي بالارهاب.
أما قيام الدولة بتشكيل فريق للتفاوض السياسي مع الحوثي فله نتائج وآثار عكسية وذلك لأنه أظهر الآتي:
– هناك فجوة بين الدولة والتحالف.
– هناك تناقض سلبي ، ففي حين ترحب الحكومة ببيان مجلس الوزراء السعودي الرامي لتنصيف الحوثي بالارهاب تقوم بتشكيل فريق للتفاوض مع الحوثي ، تريد من المجتمع الدولي أن يصنفه بالارهاب وتسعى للتفاوض معه ، لا تفاوض مع الارهاب ولن ينفع معه الا الاجتثاث ، هذا الأمر قد يؤكد على التقارب مع الارهاب وإعاقة الجهود الرامية لتصنيفه والقضاء عليه.
– تعامل عكسي بين الجانب السياسي والإعلامي داخل الدولة ، ففي حين يقوم الإعلام بنشر جرائم الحوثي ويطالب بمعاقبته وتحقيق دولي ، يقوم الجانب السياسي بتشكيل فريق للتفاوض مع الحوثي ، كيف تتفاوض مع مجرم وبدل ذلك كان ينبغي عليك أولاً أن تصدر أحكامك القضائية بحقه بصفتك صاحب الشرعية القانونية ثم تدعو المجتمع الدولي لادانة جرائمه والتحقيق ومعاقبته.
-لأن التوجه للتفاوض جاء بعد فشل الجانب الأممي بالزام الحوثي بتجديد الهدنة ، فإن ذلك أظهر الدولة بموقف ضعف وان الدور الأممي كان لانقاذ الدولة من هجوم الحوثي وهو العكس الحقيقي تماماً لانقاذه للحوثي من الحسم العسكري .
– قد يكون خدمةً للتوجهات السياسية الأمريكية في المنطقة وعداءها للسعودية ، عبر التصالح مع أدواتها ، ومثلما اتفق حزب الله والحكومة اللبنانية مع إسرائيل تتفق الدولة اليمنية مع الحوثي ، حتى لا يتمدد الربيع الإيراني في المنطقة العربية وتتحرر إيران والمناطق العربية من مشروع ملالي إيران ، وتتوسع دائرة العداء لأمريكا وأدواتها بما يأثر سلباً على الجميع معاً .
اذا كان فيما يخص الأسرى ، فكان يجب تشكيل فريق وساطة من شخصيات محايدة كمنطلق مناسب للواقع اليمني وناجح في عملية تبادل محلية في وقت سابق لا تشكيل فريق محسوب على الدولة ، فذلك سيكون منطلقاً لطمس جرائم الحوثي في السجون ، فزيارة الفريق للأسرى سيجعل الأسرى يتحدثون أنهم في رعاية ممتازة ولن يتحدثوا بالحقيقة وما تعرضوا له من تعذيب خوفاً من تعرضهم للتعذيب مرةً أخرى من قبل الحوثي بعد مغادرة الفريق ، وهو ما يسجل شهادة أولية للأسرى أمام المسؤول عليهم ويغلق باب الحديث عن الجرائم الحوثية في السجون بعدها.
من جهة أخرى فإن هذا الأمر قد يثير صراع داخلي في المناطق المحررة ، وربما داخل مجلس القيادة ، فاظهاره كتفاوض من نوع آخر يثير احساس تعصب وتوحد ضد القضية الجنوبية وبعض أطراف محسوبة عليها وهو ما يقود لمرحلة جديدة من الصراع تعيق تطبيع الأوضاع واستقرار المناطق المحررة ويفشل توجه القضاء على الارهاب وبناء مشروع الدولة والالتزام باتفاق ومشاورات الرياض ، فالتفاوض مع الحوثي كان يجب أن يصدر عبر قرار اجماع من قبل مجلس القيادة الرئاسي يوافق عليه الجميع .
أخيراً التوجه للتفاوض مع الحوثي يمنحه نوعاً من الشرعية ويكرر أخطاء سابقة تصب لمصلحته وتذكروا بالذات عندما شكلت الدولة فريق للتفاوض معه وهو في صعدة قبل أن يتجه لصنعاء ، هو تفاوض لن ينجح ، فليس هناك داعي له اطلاقاً .
فلماذا تقوموا بتصرفات سلبية من الحكمة في الوقت الراهن أن نكون في غنى عنها لأنها تضرنا بدل أن تنفعنا بشيء.