الانقلاب الحوثي.. مأساة إنسانية وصراع إقليمي يمتد لأبعد من الحدود
منذ بداية عام 2014، وبعد الانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية، بدأت الأزمات تتفاقم بشكل مستمر، مما أدى إلى حالة من الاضطراب الشديد في اليمن والمنطقة ككل.
فعلى الرغم من تعدد الأبعاد السياسية والإقليمية، إلا أن الواقع الذي أفرزته الحرب ظل يشير إلى واحدة من أعظم المآسي الإنسانية في التاريخ الحديث.
ومع مرور الوقت، تمكنت هذه المليشيات من إشعال فتيل صراعات إقليمية شملت العديد من الدول الكبرى، لتصل آثار الحرب إلى مديات أبعد من حدود اليمن.
هذه الأزمة السياسية والعسكرية أفرزت مشهدًا معقدًا، حيث كان لتوسع مليشيا الحوثي في هجماتها على دول الجوار، مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، تداعيات جسيمة على الأمن الإقليمي والدولي.
وتؤكد الباحثة السياسية نورهان شرارة في تصريح لـ”الاتحاد” أن هجمات مليشيا الحوثي على منشآت مدنية في دولة الإمارات في عام 2022 شكلت نقطة تحول حاسمة في زيادة التوترات الجيوسياسية في المنطقة.
وأشارت شرارة إلى أن تحركات الحوثيين وتوسيع نطاق هجماتهم لتتخطى الحدود اليمنية دفعت دولاً غربية، مثل الولايات المتحدة، إلى التدخل عسكرياً من خلال عملياتها في البحر الأحمر، وسياسياً بدعم جهود مواجهة جرائم الحوثيين.
وتسببت الأزمة اليمنية في خسائر اقتصادية واسعة، خاصة مع الهجمات التي استهدفت منشآت النفط في السعودية ومنشآت حيوية أخرى.
ونتج عن هذه الهجمات اضطرابات في أسواق النفط العالمية وأثرت بشكل مباشر على الإمدادات، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 90% في شحن الحاويات عبر البحر الأحمر، وفقاً لتقرير مؤسسة “الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية”.
ويقدر التقرير أن حوالي 12% من التجارة السنوية العالمية، والتي تبلغ قيمتها نحو تريليون دولار، تمر عبر السفن في البحر الأحمر.
وتشير البيانات إلى أن أكثر من 50 دولة تأثرت اقتصادياً نتيجة هجمات الحوثيين على الممر الملاحي في البحر الأحمر.
وأدت هذه الهجمات إلى خسائر فادحة لشركات الشحن العالمية، حيث اضطرت العديد من السفن إلى تغيير مسارها لتدور حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح بدلاً من قناة السويس لتجنب هجمات الحوثيين.
على الجانب الإنساني، ألحقت تداعيات الانقلاب الحوثي في اليمن أضراراً بالغة بالبنية التحتية، بما في ذلك تدمير المستشفيات والمدارس وشبكات الكهرباء والمياه، مما جعل ملايين اليمنيين في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.
ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، فإن حوالي 80% من سكان اليمن يحتاجون إلى مساعدات إنسانية.
كما أشارت التقارير إلى أن عدد القتلى جراء الانقلاب، بما في ذلك من تأثروا بالجوع والمرض، تجاوز 377 ألف شخص حتى عام 2021.
وتؤكد نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، إيمان الشنقيطي، أن الأزمة أدت إلى نزوح أكثر من 4.5 مليون شخص يعيشون في ظروف صعبة وغير آمنة، في مخيمات مكتظة أو ملاجئ مؤقتة.
وأوضحت الشنقيطي أن استمرار الأزمة من دون حلول سياسية سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع، لا سيما مع غياب المأوى الملائم وانعدام المياه النظيفة وانهيار نظام الصرف الصحي، مما يعرض الفئات الأكثر ضعفاً لمخاطر كبيرة.
وتبرز هذه التحديات أهمية إيجاد حلول سياسية عاجلة لإنهاء الانقلاب الحوثي في اليمن، لكن مع استمرار تعنت المليشيات امام الجهود الاقليمية والدولية يعمق معاناة السكان ويهدد أمن واستقرار المنطقة بشكل مستمر.