إدراج الحوثي على قائمة الإرهاب هل يوقف هجماتهم على الملاحة البحرية؟
كثرت التساؤلات والتحليلات حول تأثير قرار الرئيس الأمريكي ترامب بإعادة الحوثيين إلى قائمة المنظمات الإرهابية الدولية الخارجية على كبح جماح الهجمات الإرهابية على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن وعلى وضع النقل البحري في قناة السويس والعالم.
وتوقع خبراء تحدثوا لـ”الشرق الأوسط” أن يؤثر قرار واشنطن “إيجابياً” على الحد من عمليات الحوثي بالبحر الأحمر، مرجحين أن يكون عام 2025 بداية نهاية تلك العمليات، وأن تبتعد قناة السويس عن خسائرها التي بلغت نحو 7 مليار دولار خلال العام الماضي كنتيجة للقرار الرئاسي الذي وقعه ترامب.
وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء، أمراً بإدراج جماعة الحوثي، بقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لأسباب بينها “تهديد استقرار التجارة البحرية العالمية”، مؤكداً أن سياسة بلاده “إنهاء هجماتها” على الشحن البحري، خاصة أنها “هاجمت السفن التجارية المارة عبر باب المندب أكثر من 100 مرة، وأجبرتها على التوجه بعيداً عن البحر الأحمر لممرات أخرى، ما أسهم في ارتفاع التضخم العالمي”.
وبهذا يعود ترامب لقرار مماثل اتخذه بولايته الأولى (2017: 2020)، قبل أن يلغيه جو بايدن عقب توليه منصبه عام 2021، “استجابة لمطالب إنسانية”، ثم شهد الوضع تحولاً عقب اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، مع شن الحوثيين هجمات على السفن التجارية بدعوى دعم غزة.
لكن الحوثيين استبقوا القرار الأمريكي بخطوات تهدئة، وإعلان الجماعة الموالية لإيران، الأربعاء، الإفراج عن طاقم السفينة “غالاكسي ليدر” بوساطة عمانية بعد مرور 14 شهراً من احتجازه، فيما عد رئيس مجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، القرار الأميركي، في منشور، الخميس، عبر منصة “إكس”، “مدخلاً للاستقرار في اليمن والمنطقة”.
ردود دولية على قرار ترامب
لم تعلق مصر المتضررة من هجمات الحوثي على قرار ترامب بعد، غير أن تداعيات تلك الهجمات كانت مدار محادثات عديدة، أحدثها، الخميس، بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء بالقاهرة، مع نظيره البريطاني ديفيد لامي.
كما بحث سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينجيز، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونائب وزير الخارجية المصري، السفير أبو بكر حفني، تهدئة الأوضاع بالبحر الأحمر، وأهمية قناة السويس، وفق بيانين منفصلين للخارجية والرئاسة بمصر، يومي الثلاثاء والأربعاء.
وأعاد الرئيس المصري التنبيه لخسائر قناة السويس جراء الأوضاع في البحر الأحمر في كلمة، الأربعاء، باحتفالية عيد الشرطة (25 يناير “كانون الثاني” من كل عام)، قائلاً: “إن انخفاض مواردنا من القناة كان له تأثيره علينا كدولة”. فيما كشف رئيس القناة الفريق أسامة ربيع عن أن إيراداتها بلغت 4 مليارات بانخفاض قرابة 7 مليارات دولار خلال عام واحد.
وقال رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، إن قرار ترامب “يأتي في إطار إضعاف الحوثيين، إحدى أذرع إيران بالإقليم، بعد تهديدهم لإسرائيل، وحرية الملاحة بالبحر الأحمر”، متوقعاً رداً حوثياً ضد إسرائيل.
وأضاف العرابي “إن الجماعة الحوثية لا تشكل مشكلة أمنية للقاهرة بل اقتصادية، وكان لهجماتها أثر مباشر على الاقتصاد، لكن لم نتدخل في مواجهة مباشرة سابقاً ولا حالياً بعد قرار ترامب، باعتبار أننا لسنا طرفاً في معركة الحوثيين مع إسرائيل، وكان موقف القاهرة واضحاً بأن وقف حرب غزة سيعيد الأمور لطبيعتها، دون أن يستدعي ذلك أي تدخلات، وهذه سياسة حكيمة مصرية تتوافق مع رؤيتها لأزمات المنطقة وسبل حلها”.
ويعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، “أن الموقف المصري عادة يميل إلى ألا يكون طرفاً، خاصة وهو يدرك أن حل المشكلة بوقف حرب غزة، وهذا من أطر السياسة الخارجية الحكيمة”.
التعامل الحوثي مع القرار
ويرى المحلل السياسي اليمني معين الصيادي، أن قرار ترامب “سيستغله الحوثي لتسويق نفسه أمام الرأي العام المحلي في مناطق سيطرته، بهدف كسب تعاطف الشارع والتهرب من أي تسويات سياسية بشأن الملف اليمني”.
التكيف مع القرار
ومن المتوقع أن تستغرق عملية إعادة التصنيف عدة أسابيع قبل أن تدخل حيز التنفيذ، ما يمنح الأطراف المعنية وقتاً للتكيف مع الإجراءات الجديدة.
ونقلت “رويترز”، الخميس، عن شركة “دي بي وورلد” تقديراً بأن السفن غير المرتبطة بإسرائيل، قد تبدأ في العودة للبحر الأحمر قريباً، ربما خلال أسبوعين فقط، مع تراجع في أسعار الشحن “بما لا يقل عن 20 و25 في المائة” على مدى شهرين إلى ثلاثة أشهر.
ويتوقع العرابي أن يكون للقرار أثر في إضعاف نشاط الحوثيين بالبحر الأحمر، ورجح اللواء فرج أيضاً خفض تصعيدهم، مع عقوبات اقتصادية أميركية أكبر ضدهم. ويتوقع الصيادي “أن يكون عام 2025 هو بداية نهاية تمدد المليشيات الحوثية الموالية لإيران حال تم تعزيز القرار بعمليات عسكرية برية وبحرية وجوية.