تراجع نفوذ القاعدة في اليمن.. هل تنجح القوات اليمنية في استغلال ضعف التنظيم؟

شهدت الساحة اليمنية تطورا ملحوظا في جهود مكافحة تنظيم القاعدة، وذلك بعد مقتل خمسة من أبرز قياداته خلال الفترة الأخيرة، مما وفر فرصة مهمة للقوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي لتعزيز حملتها ضد هذا التنظيم الإرهابي.
القوات اليمنية التابعة لمجلس القيادة الرئاسي، ومن بينها القوات الجنوبية، وقوات محور وأمن محافظة أبين، وقوات دفاع محافظة شبوة، وجهاز مكافحة الإرهاب بقيادة اللواء الركن شلال شائع، استغلت هذا التطور لتكثيف عملياتها ضد تنظيم القاعدة، خاصة بعد الضربات الجوية التي نفذتها القوات الأمريكية وأسفرت عن مقتل عدد من القيادات البارزة في محافظتي شبوة وأبين، بالإضافة إلى عملية اغتيال استهدفت أحد قادة التنظيم في محافظة مأرب.
ومن بين القيادات التي لقيت مصرعها كل من: أبو محمد الهذلي المكي، وأيوب اللحجي الذي كان يشغل سابقًا منصب أمير ولاية لحج، وأبو يوسف الحضرمي، وأبو علي الديسي الذي كان يشغل منصب أمير الحرب في التنظيم وعضوًا في مجلس الشورى، بالإضافة إلى عمار العولقي المعروف باسم أبو صالح الديولي.
وبعد هذه الخسائر الكبيرة، نفذ تنظيم القاعدة هجومًا انتقاميًا في وادي عومران بمديرية مودية في محافظة أبين، وذلك في اليوم العشرين من شهر فبراير الماضي، مما أدى إلى مقتل أحد جنود القوات الجنوبية وإصابة اثنين آخرين.
لكن القوات اليمنية لم تتأخر في الرد على هذا الهجوم، حيث شنت عملية عسكرية واسعة في اليوم السادس والعشرين من شهر فبراير، استهدفت عدة مناطق من بينها وادي عومران، ووادي الرفض، ووادي الخطمة، ووادي مطر، وصولًا إلى مناطق الربيز القريبة من مديرية حطيب التابعة لمحافظة شبوة.
وأسفرت هذه العملية عن مقتل ثلاثة من عناصر تنظيم القاعدة وإصابة عدد آخر منهم وفق ما ذكرته العين الإخبارية.
وفي ظل هذه التطورات، تفيد المعلومات بأن تنظيم القاعدة يسعى حاليًا إلى إعادة ترتيب صفوفه من أجل تنفيذ عمليات انتقامية ضد القوات المحلية المدعومة من التحالف العربي، وذلك ردًّا على الضربات الجوية التي أطاحت بقياداته في محافظتي شبوة وأبين.
وعلى الرغم من ذلك، يرى الخبراء المتخصصون في شؤون الجماعات الإرهابية أن تنظيم القاعدة يعاني من ضعف واضح بعد الضربات الأخيرة، مما يستدعي استغلال هذه الفرصة لتقويض نفوذه ميدانيا من خلال عمليات منسقة بين القوات المحلية اليمنية والجانب الأمريكي.
وعلى الرغم من أهمية هذا التنسيق، إلا أن الخبراء يشيرون إلى أنه لا يزال غائبًا حتى الآن، مما قد يؤدي إلى إضاعة الفرصة في إضعاف التنظيم بشكل نهائي.
ولذلك حث الخبراء الجانب اليمني على ضرورة تبني استراتيجية واضحة تعمل على تقليص نفوذ تنظيم القاعدة في آخر معاقله، خاصة في محافظة مأرب والمناطق الحدودية بين محافظات شبوة وأبين والبيضاء، التي تقع تحت سيطرة مليشيات الحوثي.
وفي هذا السياق، أكد الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية سعيد الجمحي لـ”العين الإخبارية” أن القوات المحلية لا تزال تعمل بشكل منفصل دون تنسيق مباشر مع الجانب الأمريكي، الذي يعمل هو الآخر بشكل منفصل.
واعتبر أن هذا الغياب في التنسيق يقلل من قدرة القوات اليمنية على تنفيذ عمليات أكثر دقة وفاعلية ضد تنظيم القاعدة.
أما الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية محمد بن فيصل، فقد أشار إلى أن المشكلة الأساسية في مواجهة تنظيم القاعدة تكمن في غياب استراتيجية شاملة على المستوى المحلي، إذ يتم التعامل مع التنظيم فقط من زاوية ارتباطه بمليشيات الحوثي، التي يقال إنها توفر دعما غير مباشر له من أجل إضعاف الحكومة الشرعية وإشغالها في معارك داخلية.
كما أكد أن أحد الأسباب التي تجعل التنظيم لا يزال قادرًا على تنفيذ عملياته هو عدم وجود استراتيجية واضحة لدى القوات المحلية، مشيرًا إلى أن هذه القوات بحاجة إلى توحيد جهودها وتنسيق عملياتها بشكل أكثر فعالية، حيث إن نشاط التنظيم العملياتي يكون في محافظة معينة، بينما تتم إدارته من محافظة أخرى، مما يستدعي ضرورة التعاون المباشر لضمان نجاح الجهود المبذولة في القضاء على هذا التنظيم الإرهابي الذي يشكل تهديدًا مستمرًا لأمن اليمن والمنطقة بأكملها.