اليمن

الحرب وركود التعليم الحكومي ينعشان تجارة التعليم الأهلي في اليمن

تهامة 24 – عدنان حجر

 

سبع سنوات ومازالت الحرب في اليمن مستمرة وتبعاتها السلبية على اقتصاد الدولة واقتصاد الأسر والافراد مازالت دائرة تفاقمها تتسع ..وفي ظل الحرب وفي اليمن بشكل عام تضرر التعليم الحكومي وظهرت كثير من الإشكالات التي حالت دون أن يقوم بدوره نتيجة عدم حصول المعلمين على حقوقهم وارتفاع أعداد الطلاب الملتحقين في المدارس الحكومية وانعدام الأنشطة والتجهيزات التي ينبغي أن تصاحب العملية التعليمية ..

في المقابل انتعشت سوق تجارة التعليم الأهلي انتعاشا كبيرا ساهم هذا الانتعاش في ازدياد اعداد المدارس الأهلية وارتفاع رسوم التسجيل رغم عدم مطابقتها للمقاييس والضوابط ..في هذا التقرير نسلط الضوء على هذه القضية ..

 

التعليم الأهلي بديل للحكومي

عدم اهتمام الحكومة بالتعليم الرسمي وعدم معالجة مشاكل تأثر قيام المدارس الحكومية بدورها الفاعل ..اسباب رئيسية ساهمت في جعل التعليم الأهلي والمدارس الأهلية بديلا للتعليم الحكومي لدى كثير من الأسر اليمنية ..

هذا ما أكده الاخ طلال محمد احمد عوض بقوله : ازدحام المدارس الحكومية بالطلاب وافتقارها إلى تواجد المدرسين وعدم انضباطهم بالحضور وعدم توفر الوسائل والأدوات والتجهيزات وبعد بعضها عن مناطق سكن المتعلمين وتأخر استلام المناهج الدراسية وغياب جانب متابعة الطلاب وعدم اطلاع أولياء الأمور بالوضع الدراسي ومستواه التعليمي وحضوره وغيابه وغيرها من الأسباب التي تكاد معظمها متوفرة في التعليم الأهلي , هذه الأسباب وغيرها مجتمعة هي التي دفعتني لسحب ابني من المدرسة الحكومية والحاقه بمدرسة خاصة رغم رسومها الباهظة والمكلفة جدا .. جراء ما يوجهه التعليم الحكومي من اشكالات تربوية وتعليمية وإدارية وانقطاع رواتب المعلمين فقد شهد سوق التعليم الأهلي في اليمن انتعاشا كبيرا منذ سنوات.

وقالت صحيفة اندبندنت العربية البريطانية في تقرير لها صدر مؤخرا أن التعليم الحكومي المنهار وعدم وجود بدائل اضطر أولياء أمور المتعلمين إلى اللجوء للمدارس الخاصة برسومها المتزايدة.

وأوضحت الصحيفة ان السنوات الماضية شهدت انتعاش سوق التعليم الخاص جراء إغلاق كثير من المدارس الحكومية بسبب الحرب وتبعاتها الإنسانية الصعبة على أولياء الأمور من جهة، وانقطاع رواتب المعلمين الذين تركوا المهنة من جهة أخرى، إضافة إلى الخلل الإداري والتربوي الذي تعانيه المؤسسات التعليمية في البلاد، الأمر الذي شجع على زيادة أعداد المدارس الأهلية المتهمة بالبحث عن الربح السريع على حساب جودة التعليم.

 

زيادة المدارس وارتفاع الرسوم

ورغم كثرة المدارس الحكومية ومجانية التعليم إلا أن المدارس الأهلية تجاوزت المدارس الحكومية في العدد وارتفاع الرسوم وازاء هذه المفارقة اوضحت الصحيفة في تقريرها قائلة: على رغم أن القوانين في اليمن تشدد على مجانية التعليم فإن الحال تبدل في الواقع بفعل الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي بانقلابها المسلح على حكومة الشرعية المعترف بها دوليا عام 2014م.. وأشارت الصحيفة إلى أن رسوم الدراسة في المدارس الأهلية تشهد ارتفاعا متناميا كل عام، موضحة أن نسبة الزيادة في الرسوم الدراسية لهذا العام الدراسي بلغت أكثر من 40 في المئة، وتتفاوت هذه النسبة من مدرسة لأخرى بحسب الموقع والصيت والكادر التدريسي فيها، إضافة إلى الوسائل التعليمية المساعدة والترفيهية…

 

رسوم لا تحتمل والعماري مضطرا

الصحيفة في تقريرها نقلت عن موظف بالقطاع الخاص يدعى محمد العماري، قوله إنه اضطر أخيراً لدفع مبلغ 560 ألف ريال (نحو 2236 دولاراً) رسوماً دراسية للفصل الدراسي الأول لأبنائه الأربعة بواقع 559 دولار عن كل واحد من أبنائه وبنسبة زيادة عن العام الماضي تقدر بـ 180 ألفاً (نحو 719 دولاراً) علاوة على الكلفة اليومية من مواصلات وغذاء ومستلزمات تعليمية..

وأضاف العماري قائلا : أن هذه الزيادة لا تحتمل لولا اقتراضه مبلغاً إضافياً ليتمكن من إكمال سداد رسوم أطفاله الدراسية.. العماري تساءل: إذا كانت هذه حالنا نحن موظفي القطاع الخاص ممن نتسلم مرتباتنا شهرياً فكيف تكون حال من انقطعت مرتباتهم وبالكاد يجدون قوتهم اليومي؟.. وأكد أنه يعرف كثيراً من أولياء الأمور ممن أخرج أبناءه من المدرسة لعجزه عن دفع كلفة المدارس بعد أن أغلق كثير منها أبوابه..

 

المشكلة على طاولة العباب

وذكرت الصحيفة أنها طرحت هذه المشكلات على طاولة نائب وزير التربية والتعليم اليمني على العباب الذي قال إن وزارته عقدت أكثر من لقاء مع ممثلي المدارس الأهلية لمناقشة تخفيض الرسوم الدراسية بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الحالية مع الأخذ في الاعتبار الفرق بين مدرسة وأخرى بحسب الخدمات التي تقدمها للطالب.

وتخفيفاً عن أولياء أمور الطلاب أكد العباب اتخاذهم جملة إجراءات منها إصدار تعميم من الوزير طارق العكبري بعدم إلزام الطلاب شراء الزي المدرسي في الوقت الراهن نظراً إلى الظروف التي تعيشها البلاد، مضيفاً أن الوزارة ستبذل جهدها لفتح جميع المدارس الحكومية أمام جميع الطلاب للعام الدراسي الجديد وسيصبح الخيار لولي أمر الطالب.

 

التعليم الحكومي وجهود الوزارة

وضاعف من مشكلة التعليم في اليمن انقطاع صرف رواتب المعلمين وفي هذا الشأن يوضح نائب الوزير أن وزارته بذلت جهوداً حثيثة مع وزارتي الخدمة المدنية والمالية لصرف حقوق المعلمين في شهر أكتوبر (تشرين الأول) مما سيؤدي إلى انتظام العملية التعليمية والدفع بالمعلم للحضور إلى المدارس الحكومية وأداء رسالته بمعنويات أفضل…

 

جيل جاهل والجميع مسؤولون

تداعيات الحرب الاقتصادية والمعيشية وارتفاع معدلات الفقر والجوع وانعدام الأمان جراء توسع رقعة القتال وانقطاع رواتب موظفي الدولة والانهيار الاقتصادي المتزايد وهبوط العملة المحلية وعدم الاهتمام الجاد بالتعليم الحكومي والاهتمام بالعناصر المصاحبة والمنفذة للعملية التعليمية جميعها عوامل عززت ارتفاع نسبة التسرب الطلابي من المدارس الحكومية، هذا ما طرحه الاستاذ ابراهيم عبدالله سالم , مضيفا : كما أن غياب رقابة الدولة على المدارس الأهلية وعدم اتخاذها الإجراءات القانونية بحق المدارس التي لا تنطبق عليها الشروط والمواصفات هو ما جعل المدارس الأهلية تبدو بديلة للحكومي رغم أنها تعيش في أوضاع مشابهة لأوضاع المدارس الحكومية ما يجعل شأنها لا يختلف عن شأن ما يعانيه التعليم الحكومي وربما أكثر .. واكد ابراهيم قائلا : كل تلك العوامل تقع على مسؤولية الجميع وعدم تحمل الجميع مسؤولياتهم سوف ينذر بجيل جاهل ومحبط ومنتكس وقد يصبح أداة طيعة لمشاريع العنف والتدمير والجريمة والإرهاب..