اليمن

شهادات جديدة للتعذيب في سجون الحوثي.. دق المسامير بأجساد المعتقلين

قبل ساعات من إطلاق سراحه، استدعت مليشيات الحوثي طالب الإعلام اليمني محمد الصلاحي وأخضعته لجلسة تصوير للتأكد من خلوه من آثار تعذيب.

وفي شهادته لـ”العين الإخبارية”، يؤكد الصلاحي أن تصوير المعتقل قبل ساعات من إطلاق سراحه “محاولة لإخفاء الأدلة على إساءة المعاملة” وهي سياسة حوثية منهجية، إذ إنه في حال وجود أي آثار تعذيب ترفض المليشيات إطلاق سراح المعتقل، حتى وإن كان على مشارف الموت.

وقال إن “الحوثيين يتعمدون تعذيب المعتقلين في الشهور الأولى من الاعتقال ثم التحفظ عليه أطول فترة ممكنة حتى تطيب آثار التعذيب” وهو تكتيك تستخدمه إلى جانب اتخاذها المعتقلين رهائن لمبادلتهم بأسراها المقاتلين.

ويضيف أن “الحوثيون لجأوا في الآونة الأخيرة بعد خروج العديد من المعتقلين، وعليهم آثار تعذيب إلى استخدام أساليب تعذيب لا تترك أي آثار على الجسد من قبيل “التعليق لساعات طوال أو الرش بالماء البارد وتعريضك للبرد، وهذا بالفعل أسواء من الضرب والصعق بالكهرباء”.

واعتقل طالب الإعلام في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وأطلقت مليشيات الحوثي سراحه مطلع يوليو/تموز 2023 وهو في وضع نفسي متدهور بعد اعتقاله في 7 سجون سرية مختلفة بعدما لم يبق من آثار التعذيب الجسدية شيئا.

وبحسب أمهات المختطفين في اليمن، وهي وكالة حقوقية غير رسمية، فإن مليشيات الحوثي تستخدم أكثر من 14 طريقة في تعذيب المختطفين والمعتقلين، ويتمثل ذلك بـ”الضرب بكابلات الكهرباء والصعق لمناطق حساسة في الجسم” و”قلع الأظافر ونشرها بمنشار كهربائي” و”الضرب على الرأس والعمود الفقري بأداة صلبة”.

كما يستخدم الحوثيون طريقة “دق المسامير في أيادي الضحايا أو أرجلهم، التحريق بالنار، التعليق بطريقة الشواية (ربط القدمين بالرجلين)، الضرب بأسياخ حديد بعد وضعها في النار، تعرية المعتقل وتهديده بالاغتصاب، الاعتداء بالضرب على الزوجة أمام المختطف وتهديده باغتصابها، التعذيب بالطريقة الصينية، وهي تقطير الماء على الرأس”.

كذلك تستخدم المليشيات تعذيب “التعرية مع الملابس في أيام البرد الشديد مع رشهم بالماء البارد وهم في العراء، والدوس على وجه المختطفين بالأحذية العسكرية والقفز على ظهورهم، ورش الملح والتبغ على الجراح الدامية، والإعدام الوهمي (إطلاق النار والمختطف نائم أو بجانبه مباشرة”.
إخفاء الأدلة

وبحسب الناشط اليمني ناجي محمد سليمان البشري فإن التعذيب ذي الطبيعة الجسدية هو ما تعمل مليشيات الحوثي على إخفائه عن المنظمات الحقوقية المعنية ووسائل الإعلام باعتباره سيد الأدلة التي تؤكد انتهاكاتها بالسجون.

وفي شهادته لـ”العين الإخبارية”، يؤكد البشري وهو معتقل سابق أنه “غالبا ما يتعرض المعتقل للتعذيب في أماكن يصعب معرفة آثارها رغم مضاعفتها الخطيرة مدى الحياة وهي الضرب في أماكن حساسة مثل الكلى والصدر والأعضاء التناسلية”.

وقال إن “مليشيات الحوثي تعمد إخفاء المعتقلين خلال الستة الشهور الأولى وهي التي يتعرض فيها المعتقل التعذيب خصوصا أثناء التحقيقات وتعمد إلى إخفائه عن أعين المنظمات الحقوقية والإعلامية ولا تسمح حتى لذويه بالزيارات أو الاتصال خلال هذه الفترة التي قد تمتد بحسب حالة المعتقل الجسدية”.

ويضيف أن “أصعب فترة يمر بها المعتقل هي الشهور الأولى من اعتقاله، وهي فترة يتم انتزاع منك اعترافات بالإكراه تحت التعذيب والتهديد والترهيب من أجل استخدام هذه الأدلة لاحقا ضد المعتقل أثناء المحاكمة”.

بالنسبة للبشري الذي ظل لسنوات خلف قضبان الحوثي فأن أحد أسوأ الأيام التي عاشها في المعتقل كان بعد سماعه مقتل زوجته وعدد من أقاربها إثر انفجار لغم أرضي وهي في طريقها من مدينة الخوخة إلى صنعاء لزيارته.

وفقد البشري زوجته ومنزله وحتى قوارب الصيد التي كان يعمل عليها ولم يبق له سوى كوخ في الخوخة جنوبي محافظة الحديدة غربي اليمن.

ويشير إلى أن “المليشيات الحوثية تتعامل مع المعتقلين كأرقام عددية وورقة من أجل إخراج أسراها المقاتلين”، لافتا إلى أن المليشيات لا تعبأ “ببقاء المعتقلين داخل سجونها مادام يحقق لها ذلك مكاسب سياسية ومالية وأوراق ضغط”.

وأكد في ختام حديثه لـ”العين الإخبارية”، أنه كان “شاهد عيان عن حالات موت تحت التعذيب لعديد من المعتقلين فيما فقد آخرون الحركة وترفض المليشيات إطلاق سراحهم خشية أن يرى العالم فداحة جرائمها ضد الإنسانية”.

وقال في شهادته لـ”العين الإخبارية” إن “آثار التعذيب لا تزال لم تمح، آثار في يدي مثل حرق السيجارة وأثر القيد الحديدي على اليدين فضلا عن التعليق على الجدران بحيث تكون رجليك لا تلمس الأرض، وكذلك لا يزال عظم قدمي اليمنى متورم حتى اليوم نتيجة الضرب العصي”.

ويضيف أنه “يعاني من مضاعفات في العمود الفقري نتيجة التعليق والضرب بالكبل، وهي آثار تعذيب، وإن اختفت ظاهريا إلا أن تداعياتها لا تمحى ولا تنسى”.

ويضيف أن “المليشيات الحوثية تختطف الأبرياء من الشوارع، وتساوم بإخراجهم من سجونها عبر صفقات تبادل الأسرى، وتقوم بابتزاز أسرهم بملايين الريالات”.

من جهته، يقول الصحفي اليمني محمد عبدالله القادري وهو معتقل سابق إن “آثار التعذيب نادرا ما تبقى على الجسد إلا أن التعذيب النفسي هو وحده يبقى، ولا ينسى إلى جانب مضاعفات القلب والكلى والعمود الفقري والأقدام”.

ويضيف في شهادته لـ”العين الإخبارية” أن “هناك من تعرضوا للتعذيب صعقا بالكهرباء فيما تعرض آخرين للضرب بالأسلاك، وهذا يجري على الأغلب في الشهور الأولى فقط”.

وأوضح هناك تعذيب نفسي يستمر طوال فترة السجن “بالإضافة إلى تعذيب بالتغذية والماء ودورات المياه والربط والقيود والمعاقبة بالزحف التي تتم بين فترة وأخرى”.

بالنسبة “للتعذيب النفسي يبدأ من أول دخولك السجن حتى خروجك منه، وكلما مرت فترة يزداد أكثر، وفي الأيام الأخيرة من سجنك تقوم الميليشيات بمضايقتك وتعذيبك نفسياً أكثر لتخرج، وأنت شبه مختل عقلياً”، وفقا للقادري.