الحوثي في مأزق.. غضب شعبي يتحول إلى مقاومة مسلحة
تتجه الأنظار إلى تصاعد عمليات المقاومة الشعبية ضد جماعة الحوثي المسلحة في المناطق التي تسيطر عليها، حيث يتزايد الغضب الشعبي بسبب فشل الجماعة في إدارة مؤسسات الدولة وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.
يؤكد العديد من المحليين أن هذه الحالة قد وصلت إلى نقطة حرجة، حيث يواجه الناس تدهوراً مستمراً في مستوى حياتهم اليومية. مما دفع المواطنين إلى البحث عن خيارات بديلة لمواجهة هذا الوضع المتدهور.
لكن مع مرور الوقت، بدأ الغضب الشعبي يتحول إلى مقاومة مسلحة نتيجة لتدهور الخدمات الأساسية مثل الصحة، والمياه، وصرف المرتبات، فضلاً عن الانتهاكات المستمرة . هذا الغضب جعل المواطنين يدركون أهمية اتخاذ موقف ضد الحوثيين في سبيل تحسين ظروفهم المعيشية.
وظهرت مؤخراً عدة حركات مقاومة شعبية غير منظمة تهدف لمواجهة الحوثيين في مختلف المناطق. هذه الحركات تعكس الإحباط المتزايد بين السكان، والتحول نحو المقاومة كنقطة انطلاق للتغيير. بالرغم من عدم وجود تنسيق رسمي بين هذه الحركات، إلا أنها تحمل رسالة قوية للحوثيين بأن الفساد وعدم الكفاءة هما ما يزيدان من عمق الأزمة.
دور القبائل في مواجهة الحوثيين
تاريخياً، لعبت القبائل اليمنية دوراً محورياً في تحديد مسار الأحداث السياسية والعسكرية في البلاد. ومع تصاعد الغضب، بدأت القبائل في اتخاذ موقف أكثر قوة ضد الحوثيين، حيث سعت للحفاظ على مصالحها وحماية مجتمعاتها. توحدت بعض هذه القبائل لتشكيل جبهات مواجهة ضد الحوثيين، مما يعكس روح المقاومة والإصرار على استعادة السيطرة على مناطقهم.
هذا الغليان دفع جماعة الحوثي إلى إرسال كبار قادتها لاحتواء القبائل. من بين هؤلاء القادة، مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي للجماعة، الذي يعقد اجتماعات مع شيوخ القبائل. في سبتمبر/أيلول، اجتمع المشاط بعدة شيوخ من محافظات ذمار وصنعاء وعمران وصعدة وحجة. خلال هذه الاجتماعات، يركز على أولويات الجماعة مثل “مواجهة العدوان والحفاظ على الجبهة الداخلية وإصلاح مؤسسات الدولة”. ومع ذلك، لا يتردد في تهديد المخالفين بالقانون بالعقوبات العسكرية، مما يسلط الضوء على عدم القدرة على تلبية احتياجات الشعب الأساسية.
عمليات مقاومة غير منظمة
في التاسع من أغسطس/آب قُتل أحد المقاتلين الحوثيين يدعى “حمدي جباري”، برصاص مسلحين قبليين، بعد أيام قليلة من قتله مواطنا يدعى “حسين المرادي” أمام زوجته في مديرية الرضمة شمال شرق محافظة إب (وسط االبلاد). كان “جباري” قد قتل قبل أكثر من عام والد الضحية وعمه بتأييد من قادة الحوثيين في المحافظة التي كانت تعاني من رفض “عائلة المرادي” لسياساتهم.
في قرية “حمة صرار” التابعة لمديرية ولد الربيع بمحافظة البيضاء (وسط) يستمر التوتر منذ مطلع الشهر الحالي بعد أن قتل رجال القبيلة أربعة من مسلحي الحوثي وأصابوا خامس انتقاماً لمقتل اثنين من أبناء القرية الواقعة في نطاق قبائل رداع. حشد الحوثيون قواتهم ومدرعاتهم على تخوم القرية وفرضوا حصارا خانقاً عليها منذ السابع من الشهر وحتى كتابة التقرير حيث منعت دخول الدواء والمواد الغذائية الى القرية، كما تمنع وصول المواطنين الى مزارعهم. يشترط الحوثيون على القرية تسليم رجال القبيلة الذين انتقموا من مسلحي الجماعة.
ويعاني الحوثيون بشدة في محافظة البيضاء خاصة قبائل “قيفة رداع”، ففي مارس/آذار الماضي قام شخص يدعى عبد الله إبراهيم الزيلعي بقتل قاتلَ شقيقه فوق عربة عسكرية للحوثيين في مدينة رداع، فأطلق النار عليه وقتله وشخصا آخر بجانبه، وجرح عنصران آخران. وردت عليه مليشيا الحوثي بتفجير سلسلة من المنازل على رؤس ساكنيها أسقطت عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، لكنها فشلت حتى الآن في الوصول إلى الزيلعي.
في نهاية يوليو/تموز منعت قبائل مديرية مجزر بمحافظة مأرب الحوثيين “آل شكر” من إقامة معسكرات تدريب وثكنات في مناطق القبيلة. وكان الحوثيون قد سيطروا على أراضي تابعة للقبيلة وأقاموا فيها معسكرات وأبراج مراقبة و”أعرام ترابية”.
في محافظة عمران، أراد الحوثيون اقتحام مسجد في مديرية صوير (قرية منجزة، عزلة الذيبة) شمالي مدينة عمران، في منتصف يوليو، للبحث عن مطلوب رفض مسلحو القبيلة السماح لهم بانتهاك صلاة الجمعة، فاندلعت اشتباكات أدت إلى مقتل وإصابة 14 شخصاً بينهم نساء، 7 منهم من الحوثيين. وقتل خلالها “حمود أبو سعيد” الرجل الذي قاوم الحوثيين مراراً. كانت هذه الحادثة ضمن سلسلة من الحوادث بدأت مع قيام مسلحين قبليين في مايو/أيار بقتل مشرف حوثي داخل إحدى المدارس في المديرية. ولاحقاً اشتبك رجال القبائل مع القيادي الحوثي فهد الذيفاني، وعلى إثر ذلك شن الحوثيون حملة ملاحقة تشمل قبائل “ذو قزان، وذو زايد، والمشراقي” في المديرية ويقولون إن ذلك للبحث عن المطلوبين.
وقبل هذه الحادثة بأسابيع (يونيو/حزيران) هاجم مسلحون من قبائل “غولة عجيب” إدارة الأمن في مدينة ريدة جنوب شرق مدينة عمران، بعد أن اختطف قيادي حوثي يكني نفسه ” أبو عبدالحميد” الشيخ القبلي حميد قاسم عويدين ووضعه في سجن إدارة الأمن وهو مصاب برصاص الحوثيين خلال اختطافه.
وفي محافظة ذمار جنوبي صنعاء رفضت قرية الزور التابعة لقبيلة الحدا في نهاية يوليو قراراً تنفيذياً من الحوثيين بشأن قضايا قتل بين القرية وقرية مجاورة بسبب المراعي. ونتيجة لذلك شن الحوثيون مطاردة واعتقال لأبنائها من الأطفال والشيوخ والنساء من أطراف القرية، ما أدى اشتباكات مع الجماعة المسلحة التي حشدت عشرات المقاتلين والآليات؛ وقتل وجرح عدة أشخاص من الطرفين.
كما قتل ضابط حوثي وأصيب ثلاثة من عناصرهم باشتباك مع مسلح قاوم حملة حوثية للقبض عليه في الثامن يوليو/تموز، واعترف الإعلام الأمني التابع لداخلية الحوثيين بمقتل مدير بحث مديرية المغلاف بمحافظة الحديدة ياسر عبدالله عبده مقبل الهبوب، نتيجة إصابته بثلاث طلقات نارية في الصدر، وإصابة ثلاثة من عناصرها هم حافظ حسن محمد مرجان بره، وحمدي احمد أحمد إبراهيم، وعمار احمد يحيي حسين عمار. وذكر بيان الحوثي أن المسلح قاوم الحملة الحوثية على منزله وقاتل حتى الموت و يدعى علي مهدي على حفضي.
عملية المقاومة التي قام بها مهدي حفضي في الحديدة ليست الأولى من هذا النوع، بل سبقتها سلسلة أخرى من عمليات المقاومة المسلحة الفردية أوقعت قتلى حوثيين، بينهم عناصر قيادية.
وفي 12 مايو الماضي تصدى شخص يدعى محمد صادق السناوي ببسالة ل حملة حوثية بقيادة مدير أمن مديرية ماوية المعين حديثا المدعو “أبو الذهب ” اقتحموا منطقة شرمان عزلة الخرابة بهدف اعتقاله أو قتله لكنه تصدى لهم وقتل منهم 8 أفراد وجرح أكثر من عشرة، وقاتل حتى الموت، مع شخصين آخرين، وكان السناوي وفق مصدر عسكري مطلع سجينا سابقا لدى مليشيا الحوثي.
في فبراير/شباط تصدى شخص يدعى صدام الطويل وشقيقه في منطقة ميتم بمحافظة إب لحملة عسكرية حوثية يقودها قيادي حوثي كبير قائد التدخل السريع ويدعى أبو طار النهمي. وأسفرت الاشتباكات بين الشقيقين والحملة الحوثية عن مقتل القيادي الحوثي أبوطارق النهمي وثلاثة من عناصره، بالإضافة إلى صدام وشقيقه اللذان قاتلا حتى الموت ضد آلة البطش الحوثية.