الخصخصة.. وسيلة حوثية لقتل التعليم الحكومي في اليمن
مع بداية كل عام دراسي يبدأ فصل جديد من المعاناة التي تتحملها آلاف الأسر المقيمة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، وذلك عند دفع الرسوم الدراسية الباهظة في المدارس الخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد.
ومع انهيار التعليم الحكومي ظهرت المدارس الخاصة كسوق سوداء ومشاريع مربحة للمليشيات المصنفة ارهابيا حتى أصبح التعليم لمن استطاع اليه سبيلا.
ودفع فرض الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على المدارس الخاصة في صنعاء إلى اللجوء إلى مضاعفة رسوم الدراسة على الطلبة بمختلف المراحل ، وذلك من أجل تعويض ما خسرته المدارس من مبالغ تذهب إلى جيوب كبار قادة الجماعة.
توفيق محمد أحد موظفي القطاع الخاص اضطر لإخراج أبناءه الثلاثة من المدرسه الخاصة نظرا لعدم قدرته على الإستمرار في دفع الرسوم الدراسية التي تبلغ حوالي 600 الف ريال سنوياً وذلك نتيجة اقتطاع جزء من راتبه من قبل الجهة التي يعمل معها.
يقول توفيق لـ«تهامة 24»”، طوال سبع سنوات كافحت وبذلت كل مابوسعي من أجل حصول أولادي على تعليم جيد إلى أن وصلت إلى مرحلة عدم القدرة على الإستمرار نتيجة خصم جزء كبير من راتبي والارتفاع الجنوني في رسوم التسجيل وعدت إلى القرية بداية العام الدراسي المنصرم لتسجيلهم في مدرسة القرية”.
عاد توفيق إلى القرية ليسجل أبناءه في مدرسة ريفية لا تقدم تعليم يمكن الطلاب من القراء والكتابة السليمة في المرحلتين الإبتدائية والاعدادية فلا يكاد طالب يكتب إسمه الرباعي دون أخطاء إملائية فادحة.
يقول توفيق معبرا عن خيبة أمله: “الآن نحن في نهاية الفصل الدراسي الأول وابنائي أحدهم في الصف الثامن لا يستطيع حل مسألة رياضية حيث يتغيب الأساتذة عن الحصص وبعض المواد لم يحصلوا سوى درس واحد في الشهر”.
ويضيف “لقد وجدت أن كل جهودي في السنوات الماضية صارت هباء وبرغم ان التعليم في المدرسه الخاصة ليس جيدا لكنه افضل من المدرسه الحكومية ولكن الرسوم الباهضة والوضع الاقتصادي يفرض علينا القبول بهذا الحال المزري”.
حرمان من دخول الامتحانات
ويشكو المواطنون في العاصمة المحتلة صنعاء من حرمان أبنائهم من دخول امتحانات نهاية الفصل الدراسي الأول في عدد من المدارس الأهلية، بسبب عجزهم عن سداد ما تبقى عليهم من رسوم دراسية.
وأشار أولياء أمور الطلاب إلى قيام إدارات مدارس خاصة في مديريات السبعين، ومعين، والثورة، وآزال، والوحدة في صنعاء، بالضغط عليهم عبر منع أبنائهم الطلبة من دخول الامتحانات بسبب تأخر الرسوم، رغم التزامهم بالسداد خلال سنوات دراسية ماضية.
وسبق ذلك، منع مدارس خاصة الآلاف من الطلبة من حضور الحصص الدراسية، كما تعرّض آخرون في مدارس حكومية بمناطق سيطرة الحوثيين للطرد المتكرر بسبب عدم دفع الإتاوة الشهرية التي تفرضها الجماعة على كل طالب.
وتشير المصادر التربوية إلى ارتفاع كبير في أعداد الطلبة المتسربين من المدارس في جميع مراحل التعليم في المناطق التي تحت سيطرة الحوثيين، مرجعة ذلك إلى حدة الظروف المتدهورة، والانتهاكات المتكررة ضد القطاع التعليمي ومنتسبيه.
ويؤكد المواطن محمد الارياني لـ«تهامة 24»، ان هذه الإجراءات التي تتخذها المدارس الخاصة تأتي نتيجة ضغوط المليشيات على المدارس للإيفاء بدفع ماعليهم من إتاوات وجبايات للجماعة.
وتواصل مليشيات الحوثي المصنفة ارهابيا إلزام المدارس الحكومية والأهلية بتخصيص برامج وأنشطة طائفية وتحويل القطاع التعليمي في مناطق سيطرتها إلى إلى محطة لنشر أفكارها الهدامة.
أنتهاكات جسيمة
وكشفت منظمة إرادة الحقوقية، عن مقتل نحو 1650 معلماً يمنياً، وإصابة 2800 آخرين بجروح بعضها نتجت عنه إعاقات دائمة أو جزئية، نتيجة الصراع المسلح الذي شهدته البلاد على مدار السنوات العشر الماضية.
وأكدت المنظمة تعرض مئات المعلمين للخطف والاعتقال التعسفي، حيث تصدرت المليشيات الحوثية قائمة الجهات المرتكبة لتلك الانتهاكات، أبرزها منع المليشيات لنحو 200 ألف معلم بمناطق سيطرتها، من تقديم خدمة التعليم للطلبة.
وتجبر مليشيا الحوثي المعلمين على المشاركة القسرية بدورات تعبوية، كما ترغمهم على نشر الأفكار ذات البُعد الطائفي في أوساط الطلبة، بالتوازي مع حرمانهم من أبسط الحقوق وفي مقدمها الراتب.