بين مالك بن الأشتر وكبش العيد!
يحدث الحوثيون أتباعهم عن أن عبد الملك الحوثي يعلم مخططات الأعداء التي لا تزال مغلقاً عليها ضمن الأدراج السرية، وأن لديه معرفة بما تحوكهُ أجهزة “الموساد والسي آي أيه”، قبل تنفيذ تلك المخططات، وحدثني بعضهم أثناء مؤتمر الحوار الوطني أن لديه “لحظة/هبة” من الله يعلم بها ما لا نعلم.
غير أن هؤلاء ينسون كل ذلك العِلم اللدنّي الذي يؤكدونه لعبد الملك عندما يكتب أحد عن الفساد المستشري داخل هياكل جماعته، لا ينكر هؤلاء الفساد، لأنه لم يعد بإمكانهم إنكار عين الشمس في وضح النهار، ولكن جهدهم ينصبُّ حول تبرئة عبد الملك من هذا الفساد الذي “لا علم للسيد به”، رغم أنه “يعلم ما في أدراج السي آي أيه”!
أما “عَلَم الهدى” وهدية السماء لليمنيين فغارق هذه الأيام في محاضراته التي يقدمها عبر الشاشة داخل كواليس لا يجرؤ على الخروج منها، يحدث الناس عن علي بن أبي طالب ومالك بن الأشتر، وفيما الحوثي يحدث عن وصايا الإمام لولاته، يتلقى المواطن في صنعاء الخبر السيء المتمثل في رفع سعر البترول، كل 20 لتراً بـ 14 ألف ريال.
ترى: ما هو رأي مالك بن الأشتر في خبر اليوم؟!
وهل حذر الإمام علي من خداع المواطنين بمواعظ تأتي للتغطية على عمليات فساد وصلت إلى أروقة الأمم المتحدة، وناقشها مجلس الأمن في جلسات عديدة، وصارت حديث المقايل والإعلام؟!
ولكن مهلاً، الصورة ليست بهذه القتامة، وليست كل الأخبار سيئة، إليكم هذا الخبر الجيد: قررت المليشيا صرف “نصف راتب”.
خبر جيد؟!
أليس كذلك؟!
حتى وإن كانت دبة البترول ستلتهم نصف الراتب النحيل أول ما يصرف، هذا إذا صرف.
المهم صار لدى الموظف نصف راتب “طاهر صرفه الأطهار” الذين لديهم المرتبات والميزانيات والإتاوات والجمارك والضرائب وحق المجاهد والمولد والزكاة والخمس والأعشار، وكلها أموال “نظيفة وطاهرة”، ليس لأنها صرفت من طرف “أطهار” وحسب، ولكن لأنها مرت بعمليات غسيل أموال متعددة، أموال طاهرة فعلاً، ليست كأموال “المرتزقة التي يصرفها العدوان”!
دعونا من ذلك، ولنعد لحكاية عبد الملك ووصايا الإمام علي لمالك بن الأشتر، التي “يتخشّع” العَلَم أثناء سردها تارة، وتارة يُبدي الوقار، وأخرى يصطنع ابتسامة بلهاء دون سبب، متقمصاً دور الواعظ، لكي يقول للناس: أنا رجل بريء من كل هذا الفساد، أنظروا إلى المسبحة المعلقة على “العسيب”، وشال “الزهاد” المسدوح على الكتفين، الشال الذي يذكر بالبساط المتواضع الذي يحرص سادته خارج اليمن على استقبال مريديهم به، إمعاناً منهم في خداع الجمهور بالزهد الزائف، قبل أن تكشف مؤسسات دولية امتلاكهم لمؤسسات وأصول بقيمة مليارات الدولارات.
بقي سؤال: أسقط الحوثيون الحكومة في 2014 بذريعة جرعة سعرية بقيمة 500 ريال لا غير، ترى كم من الجُرَع جرَّعوا الناس بها خلال ثماني سنوات عجاف من حكم “الأخيار الأطهار”؟!
وبقيت وقفة فقهية: بمناسبة قدوم العيد، تجدر الإشارة إلى أن الحوثيين يقولون لمن لا يستطيع شراء كبش العيد إن الأضحية غير واجبة على الفقراء، لكنهم لا يقولون إن “الإتاوات” غير واجبه على المساكين من أصحاب البسطات!
فقه عجيب…
وبين مالك بن الأشتر ودبة البترول وكبش العيد تشتت ذهن المواطن المسكين، فيما لا يزال عبدالملك يطل من الشاشة يتحدث عن الكرم والبذل والنزاهة وخشية الله ووصايا علي بن أبي طالب!
ولله في خلقه شؤون!