تهامة تقف وحيدة في مواجهة وحشية الحوثيين
تهامة، ذات الموقع الاستراتيجي على خطوط الملاحة الدولية والموارد المتنوعة والشعب الضارب بجذوره في أعماق التاريخ ترزح تحت وطأة إجرام متصاعد تمارسه جماعة الحوثي ضد السكان المحليين.
في إطار تلك الجرائم المتصاعدة، هزت جريمة مروعة بشكل صارخ مجتمعنا التهامي حتى النخاع قبل أيام، حيث تم اختطاف 11 من سكان تهامة الأبرياء ولفقت لهم تهم التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. تلك التهم التي يدرك الصغير قبل الكبير أنها غير منطقية ولها أهداف أخرى.
المشهد لم ينته بالاعتقال وتلفيق التهم، بل استعرض الحوثيون هذه النفوس المحطمة علناً في بعض أسواق تهامة، ودنسوا صورهم في عرض يهدف إلى غرس الخوف والإرهاب في نفوس أهاليهم والمجتمع التهامي عموماً، حيث يعتبر الحوثيون حتى المواطن التهامي الصامت في بيته عدوا مفترضا لهم، باعتباره مخالفاً لهم فكرياً ومذهبيا وثقافياً ومقاوما لهم سرا وعلانية.
إن ذلك يعطي مؤشرات سيئة إلى نية جماعة الحوثي تكرار جريمة الإعدام العلني – التي هزت وجدان العالم – لعشرة مواطنين تهاميين في صنعاء في سبتمبر ٢٠٢١م. لم يتم إعدام هؤلاء الضحايا، المتهمين زوراً بالتواطؤ في مقتل صالح الصماد فحسب، بل رقص المسلحون الحوثيون بعد إعدامهم في احتفال مروع بالموت. توضح هذه الوحشية بشكل صارخ استخدام الحوثيين المنهجي لسلوكيات إرهابية ضد مجتمع تهامة لقمعه والسيطرة عليه وعلى أرضه ومواردها، وهي منهجية مستمرة ضد تهامة منذ احتلال جيش الإمامة الزيدي لها في عشرينيات القرن الماضي.
يمتد هذا النمط من الإساءة إلى ما هو أبعد من المحاكمات الطائفية والاعدامات، حيث يمارس الحوثيون بشكل منهجي عمليات الاختطاف والاستيلاء على الأراضي والتهجير القسري للسكان المحليين من أراضي أجدادهم لصالح أفراد قادمين من شمال الشمال.
إن رد فعل العالم على هذه الفظائع كان باهتاً وكأن شيئاً لم يحدث، خصوصاً أن اتفاق ستوكهولم صار غطاءا لأبشع الجرائم بحق السكان المحليين في تهامة. هذا الاتفاق خلق وضعا أريحيا تفلت فيه جماعة الحوثي من العقاب.
إن الصمت في مواجهة مثل هذه الانتهاكات ليس أمراً مستهجناً أخلاقياً فحسب، بل إنه أيضاً انتهاك للمعايير القانونية الدولية، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في إعلان جنيف لحقوق الإنسان. تستحق منطقة تهامة، التي تمثل ما يقرب من 20% من سكان اليمن، حماية واهتمام الجميع، ليس كفكرة ثانوية بعيدة المنال، بل كأولوية ملحة.
ينبغي لجميع الكيانات المعنية بحقوق الإنسان والعدالة تقديم أصواتها ومواردها للقضية التهامية، ومن الأهمية بمكان تشكيل جبهة موحدة ضد الحملة الوحشية التي يشنها الحوثيون، والدعوة ليس فقط إلى وقف العنف ولكن أيضا إلى استعادة السلام والكرامة في تهامة.
*الدكتور نجيب جبريل – رئيس دائرة العلاقات والشؤون الخارجية باتحاد أبناء تهامة