انتهازية بن حبتور واستدارة الحوثي
كان يحمل صرة خدماته يضع جعبة على ظهره، ويجوب بها بين المتحاربين أو المختصمين أو من يلوح له أن هناك منعطفاً قادماً.
يُخرِج ورقة وقلم إنتهازيته، ويجري الحسابات يقرأ ميزان القوى، يأخذ مسطرة ومكيال ويزن حجم المتواجدين المتصادمين ، ثم يحسم خياره ويعلن ولائه للمنتصر.
بن حبتور هو ذلك الشيء المسخ ، هو مع الحزب الإشتراكي ثم اتجه نحو المؤتمر، ومنه وربما بإسمه حط ناقته بكامل حمولتها في مربض الحوثي ، وأعلن أنه الحق والسيد الموحى له من السماء، وأنه الصراط المستقيم والعدل الناجز.
الآن بن حبتور رئيس وزراء حكومة الحوثي المقال ، على موعد مع تغييبه خلف السجون ، وربما سحبه من رقبته إلى ساحة الإعدام، بتهمة الفساد هذه المرة، وليست التخابر وان كانت تهمة واردة ومؤجلة.
ليست محاكمة هذا الشيء ثلاثي الصفات: لا لون سياسي له ولا وزن يحتمي خلفه ، ولا طعم ورائحة تميزه عن منهم سواه من قطعان الإنتهازية ، ليست المحاكمة بذاتها من تستوجب التوقف أمامها ، بل إستدارة الحوثي ليأكل من داخله، يصفي أنصار من لم يعد يحتاجهم للمرحلة ، يحطب من بيته ويقلص دوائر اتباعه ، بحثاً عن حصرها في شريحة السلالة والدم النقى ، وإعادة الإصطفافات بتنظيف أهل الولاء وإلذهاب نحو أهل الثقة مذهباً وتبعية مطلقة.
بن حبتور فاسد ، هذا امر لا يعنينا ، فكل شيء في سلطة الحوثي تفوح من شقوقه وجنباته روائح الفساد ، ومع ذلك لم يقدم واحداً من داخل بطانته ليثبت جدية مكافحة الفساد ،متعدد الأسماء والمناطق والحضور في كل مفاصل سلطة الإنقلاب.
كل تحالفات الحوثي مع مابقي من شراذم سياسية ، هي وسيلة لتقديمهم لاحقاً وحسب الحاجة ، أضاح بين وقت وآخر ، لإعادة تلميع صورته بين القطيع وصناعة المفرقعات الإعلامية ، ومن يمر على عناوين حلفاء الأمس المدانيين اليوم ،سيجدهم من خارج جغرافيته الصغيرة، بمعناها المناطقي والسياسي المذهبي ، وهذا وحده كفيل بإحالتنا إلى إن هذه الجماعة عنصرية، كل ماسواها عدو محتمل حتى وإن كان رئيس حكومتها التابع لها بإنتهازية وإبتذال .
أعتقد أن تقديم وجبة للمحاكمة ومن ثم إلى فرق الإعدام ، من مناصريه المطاح بهم ، هو فعل كاشف بأننا أمام جماعة ترفض العيش المشترك، وأنها تستدير نحو داخلها لتأكل أنصارها غير الولائيين مذهبياً ، وأنها تتمظهر على شكل عصابة دينية تضمر لليمن بملايينه كراهية ، وترى فيهم وفق الفهم التلمودي (الأغيار)، الواجب إبادتهم أو نفيهم خارج القرار ، حتى لايلوث نقاوة دمهم أو تتشكل منهم قوى تنازعهم الحكم.
حبتور رسالة إخلاقية سياسية مضمونها أن الإنتهازي مهما راوغ وتخفى وتذاكى، يحط رحاله في نهاية الطواف في هذه الخانة المذمومة ، حيث تضع صاحبها في حالة ارتباك وعجز عن إستعادة نفسه وتوازنه، والعودة بالزمن إلى الخلف قبل أن يسقط في وحل المصلحة والموائد.
وكما تعشى الحوثي بحليفه الأول، فإن سائر الحلفاء المزعومين هم الوجبة التالية.
بن حبتور هو مفتتح الكتاب ،وهو الدرس والنتيجة معاً.