مقالات

يوسف الشحاري.. صوت الشعب وضمير الأمة

يوم لم ولن انساه في حياتي يوم سألته قبل رحيله ببضعة أشهر: لماذا لم تكتب وتدون مذكراتك للأجيال القادمة ؟.. فأجابني بقوله : ” يا ابني يا ابن حجر الذين يعرفون يوسف عليهم القيام بذلك وعلى الذين لايعرفون يوسف أن يعرفوه ممن عرفوه جيدا “..فكثيرون يموتون ولا يتركون خلفهم شيئا , وقليلون يموتون ويتركون خلفهم من المال والجاه والسلطات والنفوذ , ونادرون هم الذين يموتون وهم ممن خصهم الله عز وجل بقوله : ” رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ” ومن هؤلاء النادرون الفقيد الراحل / يوسف محمد الشحاري.. عرفته في نهاية ثمانينيات القرن العشرين.. وفي 1993م  أصبحت قريبا منه ومقربا إليه تلميذا في محراب مدرسته الإنسانية المقدسة ..فمن هو يوسف الشحاري وما هو سجله التاريخي الذي جعله خالدا في الأرض وفي السماء .. في هذا التقرير وفي الذكرى ال22 لرحيله التي تصادف اليوم ال16من سبتمبر2022م .. نسلط الضوء حول هذه الشخصية التي مثلت الإجماع الشعبي والرسمي في اليمن…

 

يوسف النابغة الشاعر

كانت ولادة يوسف  في مدينة الحديدة عاصمة تهامة اليمن 1932م من أسرة فقيرة بسيطة متواضعة..بيت اشتهر بالعلم بالحديدة وقول الحق تلقى تعليمه الأوليّ على يد والده،وفي1940م التحق بالدراسة في المدرسة السيفية مدرسة الوعي التربوي ( خولة بنت الأزور حاليا ) تعلم وتتلمذ على يد كبار العلماء والأساتذة الأفاضل في تهامة منهم على سبيل الذكر لا الحصر الأساتذة العزي مصوعي وإبراهيم صادق ومحمود الكثري والفقيه عايش مدني وصغير سليمان واحمد لقمان والكنجوني واخرون إلى جانب نخبة من الأساتذة   المصريين الذين كان لهم الأثر فضلاً عن مدرسيه في توجهه السياسي.. وواصل دراسته بنجاح مستمر ودون أي إخفاق حتى أنهى دراسته الأساسية والثانوية1954م .وخلال مراحل دراسته عرف عن يوسف النبوغ والذكاء والانضباط والاجتهاد والتفاعل مع الأنشطة الداخلية للمدرسة والمشاركة فيها ثقافية ورياضية وفنية إبداعية ..ويقول عنه عبدالله مجمل أن : يوسف في مرحلة الثانوية شارك ضمن فريق التمثيل في احدى المناسبات وقام بدور القائد اليمني المعروف سيف بن ذي يزن في مواجهة الغزاة .. وان يوسف بدأ يقول الشعر آنذاك في تلك المرحلة 1954م أول قصيدة أو محاولة شعرية يكتبها يوسف وتحمل في طياتها ولادة شاعر تهامي ثائر  يقول فيها :

( باسمي وباسم الشعب الحميري المجيدي/

سنشنها شعوى من صنعاء من وادي زبيدي/

إنا يمانيون نأبى العيش في ظل القيودي/

لا لن نعيش مع الغزاة ونأبى ونحن ابناء الاسودي/..)..كما كان في شبابه شابا متعدد المواهب والقدرات ، فقد عشق كرة القدم كغيره من شباب الحديدة ، فأنشأ معهم الفرق الرياضية ، وشارك في فريق الشرق المدرسي ، وفريق الاتحاد آنذاك ، ثم في فريق الجيل العريق..

 

يمني يهوى الحياة صراعا

هو الأستاذ القدير والراحل العظيم يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن حسن الشحاري ،.شخصية يمنية بحجم أمة وحجم وطن فهو مناضل يمني وطني وحدوي بدرجة شرطي وأمني وأديب وشاعر ورياضي وتربوي وداعية إلى الحق والخير والعدل ومفكر وفيلسوف ومثقف وسياسي وبرلماني وصحفي وناشط سياسي وحقوقي. .يرفض وينبذ المناطقية والعصبوية والطائفية والسلالية والمذهبية ورغم أنه تهامي سني شافعي إلا أنه يرفض أن يقدم نفسه على ذلك النحو المناطقي والمذهبي ويقولها صراحة بأنه يمني الانتماء قائلا :

( يَمَنِيٌّ بِأَرْضِهِ مَشْدُوْدُ/

يَمَنِيٌّ يَهْوَى الْحَيَاةَ صِرَاعاً/

وَعِرَاكاً يَشِعُّ مِنْهُ الْجَدِيْدُ/..)..

يمني عاف التمزق يشقى/

في لظاه صباحنا المنشود/

يمني قبل أن نتمادي بغباء/

مابين شوافع وزيود/)..

 

باسم شعبي تحلو المنايا

في مسيرة حياته النضالية قدم يوسف نفسه  قولا وفعلا صوتا للشعب ودوحة للوطن وأمة في رجل  وعاشق فريد للأرض والحرية وقامة وطنيةشامخة

يقول :

( باسْمِ شَعْبِيْ تَحْلُو الْمَنَايَا وَيَحْلُو /

السِّجْنُ دَاراً وَتُسْتَطَابُ الْقُيُوْدُ /

كَيْفَ يَحْلُوْ عَلَى الشِّفَاهِ النَّشِيْدُ /

وَطَنِيْ وَالْجِرَاحَاتُ مِنْكَ لُحُوْدُ /

وَالْقَدَاسَاتُ لِلْمَبَادِئِ أَضْحَتْ /

مِزَقاً دَاسَهَا هُنَا رِعْدِيْدُ /..)..

 

ضمير الأمة وفيلسوف الضمير

لم يكن يوسف الشحاري في حياته وحتى رحيله زعيما لحزب أو لجماعة أو شيخا لقبيلة أو نافذا أو من أثرياء اليمن ..بل كان إنسانا يحمل ضميرا جعله يتمثل الإنسانية في اروع صورها , وفي هذا يقول :

( انا لولاك لم أكن إنسانا /

ياضميري ولن اعيش مصانا /.)..

كما كان جوهر فكره ومسيرة حياته تنطلق من فلسفته المرتبطة بالضمير حيث يقول :

( يُعْرَفُ الْمَرْءُ بِالضَّمِيْرِ فَإِمَّا /

كَانَ خَيِّراً فِي الْحُكْمِ أَوْ شَيْطَانَا /

أوْ عَظِيْماً يَسْمُوْ عَلَى كُلِّ شَرٍّ /

أَوْ حَقِيْراً يُلَوِّثُ الْأَكْوَانَا /..)..

وقوله :

( ذَلَّ مَنْ قَيَّدَ الضَّمِيْرَ وَقَضَّى/

عُمْرَهُ يَرْشُفُ الْمَخَازِيْ دِنَانَا/)..

..لذلك وفي هذا المقام  منح من الألقاب مالم يمنح لأحد من زعماء وقادة وساسة ومفكروا وأدباء ومناضلوا وأحرار اليمن ..ومنها ضمير الأمة النابض وضمير الفلاسفة وفيلسوف الضمير ..

 

الشرطي الامين ابوفوطة

لم يكن يوسف مجرد شرطي أو ضابط بل كان عند مستوي القسم العسكري والمسؤولية الوطنية التاريخية أمنيا وشرطيا منذ كان طالبا ثم ملازما ثاني حتى أصبح لواء وهو يوسف يوسف الشريف النزيه الطاهر ولذلك عرف واشتهر بالضابط ” الأمين ” و ” ابو فوطة ” و ” ابوشنبلة ”  لأنه كان أمينا في عمله وأداء واجبه وفي كل مجالات حياته لا يرتشي ولا ينحني للإغراءات مادية وغير مادية ولذلك كان يشار إليه بالضابط الأمين ..كما كان نادرا ما كان يلبس بزته العسكرية ولم يحمل يوما بجعبته سلاحا ظاهرا أو مخفيا ..كما لم يكن يلبس جزمة الا نادرا ونادرا أيضا ما يلبس صندلا ودائما يتحرك وفي كل مكان يذهب إليه أو يكون فيه بفوطة وشنبلة ( حذاء صيني قديم ) انتشر قديما في تهامة ..وقد كناه بابو فوطة السيد علي عبدالقادر أحد اتباع الامام احمد وهذا طبعا على ذمة الاستاذ عبدالوهاب عبدالله يوسف .وكان يقال عن يوسف عندما  ( جاء الضابط ابو فوطة , وصل الضابط ابوفوطة , تحرك الضابط ابوفوطة وهكذا )..

 

يوسف الصمود والشموخ

ووصلت مكانته إلى أنه لم يختلف عليه أحد في اليمن كمواطن يمني شريف ونظيف ومناضل وطني شجاع وصادق وحر ..وهو القائل :

( الْمَالُ لَا يَشْرِيْ سِوَى/

جِيَفِ الزِّبَالَةِ وَالْقُشُوْرِ/

اَلْمَالُ لَا يَشْرِيْ سِوَى/

الْمُتَعَفِّنِيْنَ مِنَ الْجُذُوْرِ/

جَوْعَى نَعَمْ وجَوْعَى وَلَكِنْ/

فِيْ صُمُوْدٍ كَالصُّخُوْرِ/

مَرْضَى نَعَمْ مَرْضَى وَلَكِنْ/

فِيْ شُمُوْخٍ كَالنُّسُوْرِ )..

وقوله :

( نَحْنُ رُوْحُ التَّارِيْخِ أَسْرَارُهُ /

وَنَحْنُ الْأَلْحَانُ وَالْقِيْثَارُ /

نَحْنُ رُوْحُ التَّارِيْخِ مَهْمَا فَعَلْتُمْ /

نَحْنُ مَضْمُوْنُهُ وَنَحْنُ الْإِطَارُ /)..

..وقوله :

( بَاقُوْنَ رَغْمَ شَرَاسَةِ الْإِرْهَابِ /

وَخِيَانَةِ الْكُتَّابِ وَالْأَقْطَابِ /..)

 

وقوله عندما نشط المناوئون في محاربة الثورة ومعهم القوى الاستعمارية وحلفائها:

( قَتَلُوْهَا وَأَمْعَنُوْا فِي الْبُكَاءِ/

وَأَحَالُوا الرَّبِيْعَ فَصْلَ شِتَاءِ/)..

وقوله في وصف العملاء:

( يَتَزَاحَمُوْنَ عَلَى الْعَمَالَةْ/

يَا لِلْخَسَاسَةِ وَالنَّذَالَةْ/

يَتَزَاحَمُوْنَ عَلَى الْعَمَالَةْ/

مِثْلَ الذُّبَابِ عَلَى الزِّبَالَةْ)..

فكان يوسف كما قيل عنه المناضل الصادق والشجاع الصامد الشامخ شموخ الجبال يوسف الزاهد ,رمز الطهارة وقميص العفة ويوسف الطيب ويوسف الصديق وأبو ذر الشحاري والاسم الكبير وآخر الرجال المثاليين ..

 

يوسف القائد الثائر

لم تسلم الثورة والجمهورية من الأنظمة الرجعية والرجعيين في الداخل فبدأت محاولات الإطاحة بالثورة والجمهورية ولم تنجح في ذلك وكان من ضمن تلك المحاولات ما اسمي باللجنة الثلاثية

التي شكلها مؤتمر الخرطوم 1967م من العراق والسودان والمغرب بدعوى السلام والاستفتاء على نظام الحكم بدولة إسلامية ملكية بدلا عن النظام الجمهوري وجاءت إلى صنعاء ، وتم استقبالها بمظاهرة شعبية ضخمة إلى جانب القوى الوطنية  كان ليوسف دور بارز في تنظيم هذه التظاهرة مع كافة القوى ، وألقى كلمته المشهورة في التظاهرة قائلاً: (أيتها الجماهير الثائرة والهادرة: ماذا يريدون منا ؟ أي استفتاء يريدونه ؟ على قدرنا ، على مصيرنا ، على نظام اختارته الأمة لنفسها بإرادتها الحرة ؟ بعد أن قدمت قوافل من الشهداء ، وعلى اللجنة أن ترحل وتعود من حيث أتت )..كما ندد يوسف بما جاءت به اللجنة الثلاثية وكتب إليه يقول لها :.

( وَكَتَبْنَا مَصِيْرَنَا يَوْمَ ثُرْنَا /

وَسَنَحْمِيْ مَصِيْرَنَا بِالدِّمَاءِ /

وَمِنَ الْعَارِ وَالنَّذَالَةِ أَنَّا /

نَنْحَنِيْ لِلْوَسِيْطِ وَالْوُسَطَاءِ /..

ارفعوا الصوت واضحاً وجلياً/

نحن لسنا جماعة من هباء/

نَحْنُ شَعْبٌ يَأْبَى الْوَسَاطَةَ حَتَّى

لَوْ أَتَتْ مِنْ أَحِبَّةٍ أَوْفِيَاءِ)..

 

يوسف الشجاع والداعية للفضيلة

كان يوسف مناضلا وطنيا شجاعا لايخاف في الله لومة لائم حيث يقول :

( أَبُوْحُ بِآرَائِيْ بِغَيْرِ تَوَجُّسِ/

فَلَا خَوْفُ يُؤْذِيْ مُهْجَتِيْ أَوْ تَوَقُّعُ /..)..

ولم يكن يوسف يأبه بما يتعرض له من ملاحقات واعتقالات مؤكدا ذلك بقوله :

( لَمْ يَزِدْهُ السِّجْنُ إِلَّا صَوْلَةً/

تُقْلِقُ اللَّيْلَ اللَّعِيْنَ الْأَبْكَمَا)..

ويوسف كان داعية إلى محبة الله وتقديسه ومحبة  الخير لذات الخير .حيث يقول :

( قَدِّسُوا اللهَ فِي الضَّمَائِرِ كَيْمَا /

تَنْعَمُوْا مِنْهُ بِالرِّضَى وَالْجِنَانِ /

وَاخْدُمُوا اللهَ خِدْمَةً لَيْسَ فِيْهَا /

مَآرِبٌ غَيْرَ مَطْلَبِ الْغُفْرَانِ /..)..

وكان يرى أن عزة الإنسان وكرامته تكمن في شرفه

وذلك في قوله  :

( شَرَفُ الْمَرْءِ أَنْ يَعِيْشَ أَبِيًّا /

رَافِعَ الرَّأْسِ طَيِّب الْوُجْدَانِ /..)..

ويرى أن الانسان الذي يريد أن يكون نبيلا وعزيزا عليه أن يكون كما قال يوسف :

( مَنْ يَرُمْ فِي الْحَيَاةِ عَيْشاً نَبِيْلاً /

واحْتِرَاماً وَعِزَّةً فِي الزَّمَانِ /

فَلْيَدُسْ بِالْإِبَاءِ لَحْنَ رِيَالٍ /

سَافِلٍ لَمْ يَجْنِ غَيْرَ الْهَوَانِ /..)..

وقوله :

( إِنَّ مَنْ يُقْتَلُ فِيْهِ حِسُّهُ/

مَارَسَ الْإِثْمَ وَعَافَ الْقِيَمَا/)..

لم يكن يعيش لنفسه ولمصلحته الذاتية والأنانية بل كان يعيش من أجل شعبه ووطنه وأرضه لايتفانى عن تقديم التضحيات من أجل شعبه ووطنه..

 

يوسف ليس كمثله أحد

رحل يوسف الشحاري في مساء يوم السبت 16 سبتمبر2000م توفي الاستاذ يوسف الشحاري بأزمة قلبية ودفن في مسقط رأسه مدينة الحديدة بعد عمر ناهز68عاما..تاركا خلفه تاريخ ابيض وسيرة عطرة وفقر مالي لم يعرفه مسؤول في اليمن و3 من الأولاد و7 من البنات وهم بالترتيب منى وسناء وهناءواحمد وهالة وحنان ومحمد وسلام وياسين ويسرا..وأم أولاده الاستاذه والمربية الفاضلة عيشه عبادي التي توفت بعده في 6 اغسطس2014م.فكان كما قيل عنه : يوسف

الشحاري الاسم الكبير يوسف الطيب ،

يوسف الصديق ، يوسف الزاهد,يوسف الأمين..

ابوذر الشحاري ..دوحة الوطن….القامة الوطنية الشامخة..والهامة التي لم تنحن.ولعاشق الفريد للأرض والحرية.والأجمل والأشجع في كل الأزمنة القبيحة..والإنسان الاستثنائي بكل المقاييس.وأمة في رجل ،.ورجل بلا حدود  لأنه أعطى بلا حدود ، ولم يأخذ شيئا ، وكان صادقا ، ووطنيا ، ومخلصا بلا حدود .وضمير الأمة النابض ضمير الفلاسفة ، وفيلسوف الضمير ..وصوت الشعب ..ورجل غير قابل للقسمة..والرجل الذي لم ولن يتكرر .والرجل الذي ليس كمثله احد.وأعظم الرجال ، وأروع الوحدويين.وداعية العدل والمساواة.ورمز الطهارة والشرف وقميص العفة والنزاهة والشجاعة والحرية والتواضع والبساطة والاستقامة..وحكيم الأدباء وامير القوافي.وشاعر القول والفعل..والإنسان والقصيدة المتحركة.واخر نجم اهتدى به اتحاد أدباء اليمن.وآخر العمالقة الراحلين.و آخر الرجال المثاليين..والأخير في الكنانة.وآخر الأقيال.والجسد الذي مات ، والمدرسة الباقية.وفقيد الثورة والإبداع…

رحل يوسف وقد قال :

( وَلَيْسَ وَحْدِي الَّذِيْ يَمُوْتْ/

اَلْكُلُّ فِيْ تُرَابِ (ذُوْ يَزَنْ) يَمُوْتْ/

فَبَعْضُنَا فِيْ خِسَّةِ السُّكُوْتْ/

وَبَعْضُنَا فِيْ ذَيْلِ بَنْكَنُوْتْ/

وَبَعْضُنَا فِيْ ذِلَّةِ الْقَوَافِلِ/

الَّتِيْ تَشُقُّ مُهْجَةَ الْخُبُوْتْ)..

وقد اقترن اسم يوسف  بقيام الثورة اليمنية والدفاع عنهاالى حدالاستمات وكان من ابرز الاسماءالتي دفعت عن صنعاءالثورة منذقيامها وفي ملحمة السبعين يوماالمجيدة) كمااقترن اسمه كماجاءفي نعي الدكتور/ عبدالوهاب الروحاني (الجمهورية والوحدة والناس ثلاثية كان الشحاري مسكونابها)..لم يختلف عليه اثنان بل كان يمثل الاجماع الشعبي والرسمي لمامثلته شخصيته من استثناءفريدونادرللمناضل الثوري والقائدالعسكري الوطني والسياسي الشريف والاديب الحكيم وجمع في شخصيته بين حكمة الفيلسوف وطباع المتصوف..

 

وداعا يااخر الرجال الراحلين

ورغم كل ذلك النضال وتلك الخصال التي لايتمثلها الا الأنقياء والصالحين والأنبياء إلا أنه كان يدرك أنه بشر وان الكمال لله وحده فلم يكن محتاج لما بعد موته لما تركه من تاريخ وسيطرة عطرة فقد كان يعلم أن الرحمة والغفران والجنة والنار بيد الله عز وجل فقد دعا خالقه قبل وفاته  وكتب معاتبا نفسه ومحاسبتها نستقطع من القصيدة قوله :

( الْوَدَاعَ الْوَدَاعَ يَا ابْنَ الشَّحَارِيْ/

فَتَرَجَّلْ عَنْ صَهْوَةِ الْأَسْفَارِ/

فَلْتُوَاجِهْ حَقِيْقَةَ الْأَمْرِ وَاقْرَأْ /

مَا يَضُمُّ الْكِتَابُ مِنْ آثَارِ /

يَا إِلَهِيْ وَأَنْتَ أَدْرَى بِأَمْرِيْ /

فَارْحَمِ الرُّوْحَ مِنْ لَظَى الْأَوْزَارِ /

لَيْسَ لِيْ غَيْرُ رَحْمَةٍ مِنْكَ تَمْحُوْ /

كُلَّ جُرْمٍ أَتَيْتُهُ بِاخْتِيَارِيْ /..)..

..وفي هذه الذكرى ال 22 لرحيله التي تصادف اليوم ال16من سبتمبر2022م.. فارجو من القراء والأصدقاء الاعزاء الدعاء له بالرحمة والغفران وقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة …

 

سيرة صاحب الاسم الكبير

سيرته الذاتية طويلة بطول الكتب والدراسات والأبحاث وكبيرة بحجم الوطن وواسعة ومتعددة لأنها في مختلف مجالات الحياة ولا ينساها أحد لأنها ذاكرة شعب ..لذلك سنحاول التركيز على أهم هذه المحطات من سيرته الذاتية. .. فهو الأستاذ القدير والراحل العظيم يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن حسن الشحاري ،ولدسنة 1932م في مدينة الحديدة تهامة اليمن ..وفي 1954م أنهى دراسته الأساسية والثانوية ..وفي ذات العام 1954م التحق بكلية الشرطة.وفي 1957م تخرج من كلية الشرطة وعين بعد التخرج مباشرة مديرًا للأمن في مدينة (اللحية) شمال غرب مدينة الحديدة .. وفي 1958م التحق بمدرسة الأسلحة بالكلية الحربية في صنعاء..وفي 1959م عين معلما في كلية الشرطة بصنعاء..وفي ذات العام 1959م ساهم مع عديد من زملائه الضباط الاحرار في تأسيس  تأسيس كتائب الحرس الوطني بمحافظة الحديدة..وفي 1962م ساهم في تأسيس منظمة شباب الثورة في محافظة الحديدة.وفي 1964م مديرًا لأمن الحديدة..وفي1965م مدرساً وكبيراً للمعلمين في كلية الشرطة بصنعاء ثم نائبا لمدير كلية الشرطة.. كما عمل ضابطًا لأمن إذاعة صنعاء، ثم مديرًا للتحرير في صحيفة (الثورة) اليومية في مدينة صنعاء..وفي1970م  عضوا منتخباً عن مدينة الحديدة في مجلس الشورى..وفي 1972م اختيرا وكيلا لرئاسة المجلس..وفي 1979م نائبًا لرئيس مجلس الشعب التأسيسي.وفي 1982م رئيسا للجنة العليا لانتخابات المجالس البلدية..وفي  1987م تم انتخابه عضوا ووكيلاً لمجلس الشورى..وفي يونيو1989م شارك ضمن وفد اليمن الشمالي في الدورة التاسعة عشرة للاتحاد البرلماني العربي والتي عقدت  في ابوظبي والقى كلمة وفدي شطري اليمن قبل الوحدة في تلك الدورة..كما شارك على راس وفد في اللقاء البرلماني الدولي والعربي والحوار العربيالأفريقي والحوار العربي- الأوربيراس..وفي نوفمبر1989م كان يوسف أحد شهود توقيع اتفاق اعادة الوحدة اليمنية..وشاهد اعلان قيام الجمهورية اليمنية في مايو1990م..وفي1990م شارك في أعمال الدورة الثالثة للهيئة العليا لمجلس التعاون العربي ، بالمملكة الأردنية الهاشمية..كما شارك في ذات العام في بحث المستجدات الراهنة على الساحة العربية والقضايا التي تهم البلدين وأمتنا العربية والإسلامية ، في السعودية.ووفي 1990م عضوًا في هيئة رئاسة مجلس النواب وعضواً في لجنة إعداد أول دستور للجمهورية اليمنية عقب قيام الوحدة..وفي1992م عين مستشارًا لرئيس الجمهورية، وفي 1993م رئيسا منتخبا لاتحاد الادباءوفي 1995م عضوا في اللجنة العامة وفي 1997م عضوًا في المجلس الاستشاري للرئاسة..وفي 1997م أعيد انتخابه رئيسا لاتحاد الادباء.وفي 2000م في 16سبتمبر2000م توفي الاستاذ اللواء حكيم الأدباء يوسف محمد الشحاري رحمه الله رحمة الأبرار واسكنه فسيح جناته ..