مقالات

لا تبيعوه سمكاً في ماء

نائب وزير خارجية إيران يغسل يده من أفعال الحوثي، ويعلن زوراً أن لا وصاية لطهران على سلطة صنعاء، وأن الحوثي يتصرف من تلقاء نفسه، وكأن هذا الشيء الملحق، قوة إقليمية كبرى، لديه مخزون إستراتيجي من السلاح، ولا يحتاج لعون ملالي الحكم والحرس الثوري وفيلق القدس، الذي لا يعنيه من القدس سوى اسمه وبضاعة للإتجار وشراء العواطف.

في زمن الفضاءات المفتوحة وتقنيات التجسس، ورصد ما يجري على الأرض والبحر، لا يمكن أن تدحض في ضوء توفر المعلومات القطعية اليقينية، الماكينة السياسية الإعلامية للمركز الإيراني وساحاته، دور إيران في ضرب استقرار الدول والعبث بالقانون الدولي وحقن المنطقة بحالة من عدم الإستقرار، وإعتماد الحوثي كمرتزق بدوام كامل.

إذا كان فائض القوة يعتبره الحوثي ميزة، فإنه مركز ضعفه، حيث طيش استخدامه يدفع الدول العظمى إلى استعجال القضاء عليه، قبل ان يتحول إلى استعصاء غير قابل للتفكيك والحل.

الحوثي يسخر من الجميع من الجوار وأطراف الداخل ومن الاقليم والدول الكبرى، وهو يفاوض من أجل التسوية من خندق الحرب، ويلوِّح برؤوس صواريخه ضد السعودية، في الوقت الذي يجلس فيه معها على طاولة التفاوض.

الحوثي مشروع حرب، السلام بمثابة كرسي كهربائي في قاعة الإعدام، وبالتالي يأخذ الحوافز بيد في ما أصبعه تواصل الضغط على الزناد، وهنا مقتل خارطة الطريق غير المشروطة بخفض عدوانيته مقابل المزايا الممنوحة.

في هذه المتلازمة المرضية العقلية النفسية وفقاعة تضخم الذات، علينا أن نبحث عن مشتركات داخلية بين كل قوى الفعل السياسي العسكري، والجوار والعالم لإعادة توصيف الحوثي كخطر وجودي لا حدودي، يستهدف الجميع فئات اجتماعية ذات طيف متعدد ومشاريع سياسية، وتهديد عابر للحدود.

ينجح الحوثي إذا ما دفع خصومه نحو حرب بينية حول ترتيب اولويات التسوية، والإطاحة بالقضايا المفتاحية إلى هامش الحل، وإغراق التفاهمات بحروب كلامية تضعف وحدة الأداء العسكري المقاوم(المفترض).

في هذا السياق الجنوب مفتاح أبواب حل ، وليس مشكاة صغيرة في أقصى ركن معمار التسوية ، الإقرار بذلك مقدمة لتراص ووحدة بندقية،  تطيح بالحوثي وتصنع سلاماً للداخل والجوار ولعموم العالم والمنطقة.

إذا كان هناك من خطر جامع فهو الحوثي، وإذا كان هناك من شيء يستوجب الالتفاف حوله هو إسقاط الحوثي، والإقرار بحق تقرير المصير، حتى لا يشعر مكون أساس وهو الجنوب أنه يقاتل الحوثي بلا ضمانات بحل عادل لقضيته، وكأنه يشتري سمكاً في ماء.