ثلاث مدن بنيت بعد الطوفان في حالمين وإب
حضارة عظيمة منذ القدم تشكلت في منطقة يمنات التي تضم إب وجزء من تعز ولحج وأبين وعدن ، تجارياً وزراعياً وصناعياً بدأت منذ النوحيين وأستمرت حتى الإسلام وما بعده ، كانت المصانع منتشرة والدليل أن النبي تكفن بثلاث أثواب سحولية ، والسحول في إب وكان هناك في منطقة تبان مصنع الملابس.
تم طمس هذا التأريخ نهائياً إلا ماندر ، والنادر في الفترة الأخيرة فترة حمير التي كانت آخر دولة في التأريخ القديم.
في هذه المنطقة توجد ست مدن قديمة ذات تأريخ عريق ، كمنطقة وحيدة في العالم يوجد بها هذا العدد من المدن في التأريخ القديم.
ثلاث منها لم يتبقى سوى أطلال وثلاث لازالت عامرة. ثلاث منها عاصمة إمبراطوريات وثلاث عواصم ممالك.
خمس منها تم طمس تأريخها نهائياً ، وواحدة بقى لها ذكر لأنها الأخيرة كظفار السدة.
المدن الخمس التي تم طمس تأريخها نهائياً وأيضاً دليل على قدمها ، إثنتان منها في حالمين لحج ، وثلاث منها في إب.
لو لم يذكر القرآن الكريم عاد وثمود لما كان لها أي ذكر ولكان شأنها شأن مدن حالمين وإب.
المدن القديمة التي لها آثار والجديدة ، تجد أنه معروف متى كانت وفي أي عهد ومتى تم بناءها، ما عدا هذه المدن.
أيضاً تعرضت هذه المدن لطمس تأريخي ممنهج وتدمير ، وشارك في ذلك أنظمة حكم محاربة لها تأريخياً وأنظمة حكم لا تهتم بالتأريخ.
الثلاث المدن التي لم يعد لها سوى أطلال.
1_ مدينة خرفة في حالمين ، الأطلال الباقية في في حوالي مساحة ثلاثة كيلوا متر بع ، يتبقى آثار للقصر وخزان مياه وأربعة عشر مدفن للحب.
هذه المدينة كانت عاصمة القادريين التي لا تستطيع أن تعرف تاريخها إلا من خلال مملكة القادريين التي أنتقلت لشمال الجزيرة واول ذكر لها في النقوش الأشورية في بداية الألف قبل الميلاد ، أي ما يعني أن هذه المدينة الأثرية يعود وجودها لما قبل الألف قبل الميلاد.
ولأن الأسماء تعرضت لتغيير من قبل أعداء هذا التأريخ ، لا ندري ما هو الإسم السابق لها.
2- مدينة سبأ القديمة: تقع في منطقة حالمين لحج في الجبل السبأي ، وتم تغيير إسمها من قبل الجيوش الزيدية التي هجمت عليها لمدينة السبعمائة ، وتم تدميرها بتعمد من القوى المعادية وبمساعدة أبناء المنطقة الذين قاموا بقلع أحجارها ونقلها دون أن يكون هناك أي أعتراض من عقلاء المنطقة ولا الجهة الحاكمة.
لا تستطيع أن تعرف وجود هذه المدينة إلا في المصادر التاريخية التي تحدثت أن سبأ القديمة لها إرتباط وهي نفسها إمتداد للمملكة السابقة التي كانت في هذه المنطقة وتمددت لكل الوطن العربي ثم حملت إسم سبأ أيضاً ولكنها سبأ غير الأخيرة التي كانت في مأرب وقد وضحنا هذا سابقاً في بحث مفعم بالأدلة ، وهنا يتضح أن وجود هذه المدينة في فترة ما قبل القرن الرابع قبل الميلاد.
3_ مدينة مدحجين : في منطقة فرع العدين بمحافظة إب ، يتبقى لها أطلال لها أطلال في مساحة خمسة كيلوا مربع ، ولا يوجد لها أي ذكر بالتاريخ ، وقد تحدثت عنها في بحث سابق يحمل عنوان علاقة مملكة مدحجين بمملكة حالمين.
المدن التي لازالت عامرة.
1_ مدينة إب.
إب القديمة عليها سور له أربعة أبواب ، لا يوجد لها أي ذكر تاريخي عن من بناها ومتى في أي عهد.
كانت اسمها الثجة وجاءت الدولة الصليحية وحولت إسمها إلى إب.
لا تجد في المصادر ذكراً مقارباً سوى قول المؤرخ نزيه العظم في كتابه رحلة في بلادي العربية السعيدة 1937 الذي قال أنها بنيت بنفس الشكل الذي بنيت فيه مدينة تكريت بالعراق ، ومؤرخ تكريت فاضل الناصري في كتابه تأريخ تكريت قبل الإسلام يقول أن مدينة تكريت هي رابع مدينة بنيت بعد الطوفان ، وهذا يتضح أن مدينة إب قد تكون ثاني أو ثالث مدينة بعد الطوفان ولا يستبعد أن تكون هي الأولى وهي مدينة سام بن نوح ، وإنما تم إستبعاد تأريخها وطمسه من أجل أن تظهر صنعاء هي مدينة سام مع العلم أن صنعاء تأريخياً بني فيها قصر غمدان في عهد دولة حمير وثم أصبحت عاصمة الأحباش ، أي أن مدينة صنعاء وجودها من بعد الميلاد فقط ، شأنها شأن مدينة يريم التي كان بناءها في عهد يحصب بعد أن كانت ظفار عاصمة الدولة الحميرية.
2- مدينة جبلة:
كان إسمها مدينة النهرين نسبةً لنهرين يجري من حواليها كما ذكر الحموي وغيره.
وجاءت الدولة الصليحية وحولت إسمها لجبلة نسبةً لإسم يهودي كان يصنع الفخار فيها.
هي مدينة قديمة وجاءت اروى الصليحية وأتخذتها عاصمة ونسبت ماكان فيها إليها من مساجد وقصر العز.
جامع جبلة الكبير تم بناءه في عهد الدولة الأموية أو العباسية.
جاءت أروى الصليحية وأدعت أنها بنته وهي لم تبني شيئاً.
الدليل : وثيقة في القرن الثاني الهجري تذكر أراضي داخل تلك المنطقة كوقف للجامع الكبير ، أي أن الجامع الكبير تم بناءه قبل عهد الدولة الصليحية التي كان عهدها في القرن الرابع الهجري.
ومثلما قامت أروى الصليحية بعمل ممنهج لطمس التأريخ وجاءت أيضاً بشخص من مناخه وجعلته يحمل لقب القادري ليكون قاضياً على إب يحل محل الأمير القادري الذي كان يحكمها ، فعلت أيضاً مثلها الإمامة شرف الدين والقاسمية وجاءوا بقادري من ذمار يدعي أنه من الأشراف وآل البيت وهو ليس كذلك ، ليحل محل القادري الذي هو في الأساس اول من سكن جبلة الذي كان قد أستعاد تمركزه في جبلة وإب بعد فترة انتهاء الدولة الصليحية ، وهؤلاء أنفسهم الذين اوجدتهم الإسماعيلية والإمامة ساندهم فيما بعد الأتراك وساندتهم الجمهورية رغم أنهم مع إمامة آل حميدالدين.
هذه المنطقة منبع الحضارات ، وأكبر تأريخ ضائع ومطموس هو في هذه المنطقة ، لم تستدعي الأنظمة ولا المهتمون حتى بعثات آثار لتعرف عمر تلك المدن.
وأظن أنه لابد أن يظهر هذا التأريخ المسروق والمطموس لأنه حق من حقوق هذه المنطقة والحق لابد أن يعود لأهله ، والحق لا يضيع ولو طال الوقت.