لن تتخلى إيران عن ذراعها في اليمن
تعد إيران الدولة الفارسية صاحبة مشروع فارسي توسعي في المنطقة العربية وهذا المشروع بدأت تحركاته قبل أربعين عام وتحديدا في عام 1979م مع بداية الثورة الإيرانية بدأت تصدير مشروعها إلى البلاد العربية معتمدة على نفوذها في عديد من الدول العربية ..وقد وظفت واستخدمت ما يسمى محور المقاومة ( سوريا وحزب الله في لبنان وحماس في فلسطين والحشد الشعبي في العراق والمليشيات الحوثية في اليمن والمتشيعين لها في سلطنة عمان والبحرين والسعودية ودول أخرى ) لتنفيذ مشروعها …وقدمت لاذرعها في مناطق نفوذها وعبر المال والسلاح والخبراء والمقاتلين والمدربين لتنفيذ مشروعها وزعزعة أمن واستقرار المنطقة …
ورغم أن إيران تعاني في الداخل من الغليان الشعبي والرفض للسياسة الإيرانية الداخلية والخارجية.. ورغم أنها وقعت مع السعودية اتفاقا على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما برعاية الصين في 10 مارس2023م.. ورغم ما قاله الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في نيويورك في، 24 سبتمبر الماضي مدعيا أن الميليشيات الحوثية في اليمن لا يستمعون إلى أوامر الحكومة الإيرانية. وعدم التزامها بالاتفاق النووي مع الغرب…وعدم التزامها بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 بشأن مسألة حظر إرسال الأسلحة إلى الحوثيين .ورغم تحييد حماس عن طهران واضعاف حزب الله واسقاط النظام السوري ووجود إجماع دولي على تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية وتوجه دولي للقضاء على الحوثيين..
كل تلك المعطيات التي من الضرورة بمكان تجبر إيران التخلي عن الميليشيات الحوثية في اليمن..
غير أن هناك ثلاثة أسباب وجيهة تجعل المتابع للسلوك الإيراني وسياساته التوسعية يجزم أن إيران لن تتخلى عن الميليشيات الحوثية واذرعتها في مناطق النفوذ دعما لهم أو دعما لإنقاذ نفسها من القادم الذي ينتظرها والذي قد يكون اسوء مما واجه أذرعها وما سيواجهه من تبقى من هذه الاذرع.
الأول أن الميليشيات الحوثية هي امتداد للمشروع الإيراني الفارسي مذهبيا وسلاليا وطائفيا. وتخلي إيران عن الحوثيين في اليمن هو تخليها عن مشروعها التوسعي وهذا مستحيل.. ومن هذا التداخل المذهبي الطائفي السلالي تصبح إيران حاضرة في اليمن بالمذهب الاثناعشري وإحلال الهوية الفارسية بدلا عن الهوية اليمنية الإسلامية المحمدية.. وبالتالي يستحيل تخليها عن الحوثيين …
والثاني أن الحق الإلهي الحوثي باسترداد الإمامة الكهنوتية مرتبط استراتيجيا بالحق الايراني في التمدد على أرض ليست أرضه لكنها جزء من حلمه في الإمبراطورية الإيرانية الفارسية التوسعية جغرافيا وعقائديا … فالحوثيين يستقوون بإيران الفارسية على غرار استقواء الإمامة الكهنوتية وإيران تستخدم الحوثيين ادوات لتمددها واستهدافها لخصومها في المنطقة من السنة أفراد وبلدان …ولن تتخلى إيران عن الحوثيين الا إذا قررت أن تتخلى عن حقها في نجاح مشروعها التوسعي وبالتالي يستحيل تخليها عن الحوثيين …
والثالث أن مشروع إيران التوسعي يستند على العقيدة السياسية للثورة الإيرانية التي هدفها تصدير الثورة.. وتصدير الثورة الإيرانية يجعل إيران تتمسك بالحوثيين ولا تتخلى عنهم لحاجتهم الماسة لتصدير ثورتهم.. .وأصبحت الاستراتيجية السياسية والعسكرية الإيرانية الفارسية في تصدير ثورتهم مقرونة بعدم التخلي عن الحوثيين كأداة لتصدير الثورة الإيرانية في اليمن ..
وخلاصة القول أن إيران لن تتخلى عن الحوثيين لأن لديها مشروع تصدير الثورة ومشروع التوسع والنفوذ ومشروع ضرب واستهداف الخصوم بواسطة الميليشيات الحوثية.. وعندما تقرر التخلي عن مشاريعها وأهدافها في المنطقة ستتخلى عن الحوثيين وهذا مستحيل.. ويبقى اتفاق مسقط الاخير ببنوده هو الفرصة الذهبية الأخيرة للميليشيات الحوثية للدخول في الاسلام والفرصة الأخيرة لإيران لتنفيذ التزاماتها للشعب الإيراني والمجتمع الدولي واحترام دول الجوار والتخلي عن حلمها في التوسع والنفوذ الفارسي وان تصبح جمهورية إيران الإسلامية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ….
.