اليمن

جرائم حرب في البيضاء.. تقرير يوثق فظائع الحوثيين في حنكة آل مسعود

شهدت منطقة “حنكة آل مسعود” بمحافظة البيضاء حملة عسكرية واسعة شنتها مليشيا الحوثي الإرهابية في يناير الماضي، في واحدة من أسوأ الانتهاكات التي وثقتها منظمة “سام” للحقوق والحريات.

التقرير الحقوقي الصادر عن المنظمة كشف عن انتهاكات جسيمة رافقت العملية العسكرية، شملت القصف العشوائي، وفرض حصار خانق، واعتقالات تعسفية، ونهب ممتلكات، إضافة إلى استهداف النساء والأطفال، ما جعلها من أخطر الأزمات الإنسانية التي شهدها اليمن في السنوات الأخيرة.

ووفقًا لتقرير “سام”، فإن هذه الحملة تأتي ضمن تصعيد عسكري مستمر منذ 2014، حيث شنت المليشيات عمليات مماثلة في مناطق أخرى من البيضاء، مثل قرى خبزة والزوب، ما أسفر عن سقوط مئات الضحايا وتدمير منازل المدنيين.

وفي مطلع 2025، استهدفت المليشيات منطقة “حنكة آل مسعود”، التي يسكنها نحو 10,000 نسمة، وفرضت عليها حصارًا مشددًا، حيث منعت دخول الغذاء والدواء، وقطعت الاتصالات والإنترنت، مما أدى إلى عزل السكان عن العالم الخارجي.

ويوضح التقرير أن دوافع هذه الحملة تعود إلى سعي الحوثيين لفرض سيطرتهم الكاملة على البيضاء، بعد رفض الأهالي تسليم أشخاص وصفتهم المليشيات ب”المطلوبين”.

كما استخدمت المليشيات ذريعة “مكافحة الإرهاب” لتبرير عمليتها العسكرية، متهمةً السكان المحليين بإيواء عناصر متطرفة.

في سياق ذلك، صعّدت مليشيا الحوثي الإرهابية من استهداف المساجد والمدارس الدينية، حيث طالبت بإغلاق مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، واستبدلت خطباء المساجد بأئمة موالين لها.

وبحسب تقرير “سام”، فإن الحملة العسكرية بدأت في 5 يناير/كانون الثاني الماضي، وبلغت ذروتها في 9 يناير عندما استخدمت المليشيات الطائرات المسيّرة والأسلحة الثقيلة لقصف المنطقة، مما أدى إلى احتراق منزل بالكامل، وتضرر عشرات المنازل الأخرى، إلى جانب إحراق مسجد القرية، وأسفر القصف عن مقتل شخصين وإصابة 11 آخرين، بينهم ثلاث نساء.

وفي 10 يناير، عززت المليشيات تواجدها بإرسال دبابات وعربات مدرعة، وأغلقت جميع مداخل المنطقة لمنع الأهالي من الفرار أو تلقي المساعدات.

كما وثّق التقرير وقوع انتهاكات خطيرة، من بينها اعتقال أكثر من 500 مدني، بينهم أطفال وكبار سن، تم نقلهم إلى سجون في رداع وصنعاء، حيث تعرض بعضهم للتعذيب وسوء المعاملة.

كما شملت الانتهاكات القتل العشوائي الذي أسفر عن مقتل أكثر من 15 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى تدمير 10 منازل بالكامل، ونهب ممتلكات المدنيين، بما في ذلك أموال ومجوهرات تقدر بعشرات الملايين من الريالات اليمنية.

وأشار التقرير الحقوقي إلى التداعيات الإنسانية الخطيرة التي نتجت عن الحملة العسكرية، حيث فقد مئات السكان مصادر رزقهم بسبب تدمير مزارعهم، وأجبر القصف المستمر العائلات على النزوح القسري بحثًا عن الأمان.

كما وثق التقرير محاولات الوساطات القبلية، بقيادة الشيخ حسين أحمد حسين جرعون، للتفاوض مع الحوثيين من أجل وقف العمليات العسكرية، إلا أن المليشيات رفضت الحلول السلمية واستمرت في تصعيدها، رغم التوصل لاحقًا إلى اتفاق للإفراج عن المعتقلين وتعويض المتضررين، وهو ما لم يتم الالتزام به حتى الآن.

وأكدت منظمة “سام” في تقريرها أن ما حدث في “حنكة آل مسعود” يرقى إلى جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، داعيةً المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لرفع الحصار عن المنطقة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وفتح تحقيق دولي في الجرائم المرتكبة، ومحاسبة المسؤولين عنها أمام المحكمة الجنائية الدولية.

كما شددت المنظمة على ضرورة ممارسة ضغوط دبلوماسية على مليشيات الحوثي لإجبارها على احترام القانون الدولي، وتعزيز جهود توثيق الانتهاكات لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، إلى جانب تكثيف حملات المناصرة لحماية المدنيين المتضررين من النزاع في اليمن.

مقالات ذات صلة