اليمن

التهديدات الحوثية في البحر الأحمر.. تداعيات محتملة وردود فعل أمريكية متوقعة

أثارت التهديدات الأخيرة التي أطلقها الحوثيون باستئناف هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، تحت ذريعة دعم الفلسطينيين في غزة، جدلاً واسعاً حول طبيعة الرد الأمريكي المتوقع، خصوصاً في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي يتوقع أن تتخذ موقفاً أكثر صرامة تجاه المليشيات المدعومة من إيران.

ويعتقد محللون يمنيون أن الإدارة الأمريكية لن تتهاون في التعامل مع التهديدات الحوثية، وقد تلجأ إلى ردود أكثر حدة إذا نفذت المليشيات تهديداتها باستهداف السفن مجدداً.

ومنذ أن عاد ترامب إلى البيت الأبيض، أعادت واشنطن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، كما فرضت عقوبات على عدد من قادتهم، في خطوة تشير إلى رغبة الولايات المتحدة في تقويض قدراتهم العسكرية والمالية.

وبحسب مصادر سياسية يمنية لـ”لشرق الأوسط” فإن زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي يبدو عازماً على اختبار رد فعل الإدارة الأمريكية الجديدة، حيث هدد صراحة باستئناف الهجمات البحرية خلال أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، في إشارة إلى استمرار استخدام الجماعة للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي كذريعة لتحركاتها العسكرية في المنطقة.

اقرأ ايضا: الحكومة اليمنية تقترح على واشنطن 3 تدابير لإخضاع الحوثي للسلام

ويرى البراء شيبان، الباحث في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن الولايات المتحدة “قد ترفع وتيرة ضرباتها هذه المرة، وتكثف الرقابة على أي جهات تتعامل مالياً أو لوجستياً مع الحوثيين، بما في ذلك فرض قيود أكثر صرامة على دخول النفط، الذي يعد مصدراً رئيسياً لتمويل أنشطة المليشيات”.

وفي حال تصاعدت المواجهة، فإن الحوثيين قد يلجؤون إلى رد عسكري يشمل استهداف مناطق بحرية وإقليمية، وهو ما سيكون له تأثير مباشر على مسار التسوية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.

ويعتقد المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر في تصريح لصحيفة” الشرق الأوسط “أن الرد الأميركي لن يقتصر على الضربات العسكرية، بل قد يشمل إجراءات أخرى، مثل فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية وتجميد الأصول، ما سيؤدي إلى إضعاف القدرات المالية للمليشيات ويحد من إمكانية حصولها على الأسلحة والموارد.

في السياق ذاته، لا يستبعد الباحث السياسي فارس البيل أن يؤدي أي تصعيد حوثي جديد إلى دفع واشنطن نحو بناء تحالف عسكري جديد، قد يضم إسرائيل، لتنفيذ عمليات أكثر فاعلية ضد المليشيات وقادتها.

ويشير البيل إلى أن الإدارة الأمريكية “تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية للحوثيين، إذا ما استأنفوا هجماتهم البحرية”.

من جهة أخرى، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري لـ”صحيفة الشرق الأوسط” أن الحوثيين قد يسعون لاستغلال أي هجوم غربي على مناطقهم، لإظهار أنفسهم كضحايا وتحويل أي تحرك عسكري ضدهم إلى مكسب دعائي أمام أنصارهم.

ويضيف أن “المليشيات تسعى إلى استغلال أي استهداف عسكري لتصوير الحرب الاقتصادية والعسكرية ضدها على أنها جزء من مخطط إسرائيلي وأميركي، ما يساعدها على تبرير حملاتها التعبوية في الداخل”.

في آخر التصريحات الأمريكية، حذرت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، من أن واشنطن لن تتسامح مع أي تصعيد حوثي جديد.

وخلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي، شددت شيا على أن “الولايات المتحدة تتخذ خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين، وفقاً للأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب بشأن إعادة إدراج المليشيات على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية”.

كما توعدت السفيرة باتخاذ إجراءات عقابية إذا استأنف الحوثيون هجماتهم ضد السفن والممرات المائية في المنطقة، داعيةً الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وزيادة التمويل اللازم لضمان قدرتها على فرض رقابة صارمة على جميع السفن غير المكشوفة.

وعلى الأرض، تبنى الحوثيون منذ 19 نوفمبر 2023 مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، ما أدى إلى غرق سفينتين واحتجاز طاقم إحداهما لأكثر من عام، إلى جانب مقتل أربعة بحارة.

وانعكس الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية على الصعيد الاقتصادي، حيث اضطرت كبرى شركات الملاحة إلى تجنب المرور عبر باب المندب، ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر بأكثر من 50%، وكانت مصر من أبرز المتضررين، إذ خسرت نحو 7 مليارات دولار من عائدات قناة السويس.

وفي ظل استمرار التهديدات الحوثية وعدم فاعلية الضربات الغربية في إنهائها، يتمسك مجلس القيادة الرئاسي اليمني بموقفه الرافض للاعتماد على الحلول العسكرية الدولية وحدها، مؤكداً أن الخيار الأكثر جدوى هو دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة السيطرة على الحديدة وموانئها، باعتبار ذلك الحل العملي لإنهاء تهديدات الحوثيين.

مقالات ذات صلة