اليمن

اليمن يدخل منعطف خطير مع تصاعد الهجمات في البحر الاحمر

وسط تراجع الاهتمام الدولي بالوضع الإنساني في اليمن وخروج 4 مليون شخص من قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي طوّرها برنامج الأغذية العالمي وتصاعد المواجهة في جنوب البحر الأحمر بين الحوثيين وتحالف دولي تقوده الولايات المتحدة، يدخل اليمن عامًا يظهر أنه سيكون الأصعب منذ بداية الحرب، حيث يواجه 17 مليون من سكانه مخاطر انعدام الأمن الغذائي.

بيانات الأمم المتحدة وشركائها تؤكد أنّ الصراع الإقليمي على خلفية استهداف الحوثيين السفن في البحر الأحمر تسبّب في إيجاد مخاطر إضافية على الوضع الغذائي في اليمن، وقالت إنها بحاجة إلى 2.7 مليار دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية.

ومع تأكيد “فاو” تراجع واردات القمح إلى كل من ميناء الحديدة والصليف على البحر الأحمر والخاضعين لسيطرة الحوثيين خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي بنسبة 43‎%‎ عن الشهر السابق، ذكر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إنه يسعى للوصول إلى ملايين الأشخاص ذوي الاحتياجات لتوفير خدمات المساعدة والحماية.

الأمم المتحدة ومعها 219 شريكًا في المجال الإنساني أطلقوا دعوة للمانحين لتوفير الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 18.2 مليون شخص من النساء والفتيات والفتيان والرجال الذين يواجهون معاناةً هائلة يوميًا منذ أكثر من تسع سنوات بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي والتعطيل الشديد للبنية التحتية العامة الخدمات، وكذلك تغيّر المناخ.

بيتر هوكينز، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن بيّن أنّ خطة الاستجابة الإنسانية تعكس الجهود الجماعية والمنسقة لإنقاذ الأرواح وتقليل المخاطر ودعم الصمود، لأنها حصيلة مشاورات مكثّفة في جميع أنحاء البلاد مع الأشخاص المتضررين والسلطات والمؤسسات والجهات الإنسانية الفاعلة، وشركاء التنمية على المستويين المحلي والوطني.

وفي حين تعهد المسؤول الأممي بأن يعمل مجتمع العمل الإنساني على تكييف استجابته في ضوء التمويل المحدود والقيود المفروضة على الوصول، أكد أنّ اليمن يواجه منعطفًا حرجًا وأمامه فرصة فريدة لاتخاذ خطوة حاسمة بعيدًا عن الأزمة الإنسانية من خلال معالجة دوافع هذه الأزمة، وأكد أنّ المجتمع الإنساني لا يزال ملتزمًا بالبقاء وتقديم الخدمات.

وحسب الأمم المتحدة، فإنه من بين 18.2 مليون شخص في اليمن يحتاجون إلى الدعم، فإنّ 17.6 مليون شخص من المتوقع أن يواجهوا انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال العام الجاري، في حين تشهد البلاد بعضًا من أعلى معدلات سوء التغذية على الإطلاق، حيث يعاني ما يقرب من نصف الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية المعتدل إلى التقزّم الشديد.

وأكدت البيانات الحديثة استمرار الوضع الإنساني في التدهور، وأظهرت أنّ ما يقدّر بنحو 6.7 مليون شخص يعيشون في ملاجئ غير ملائمة. ولا تزال محدودية الوصول إلى الخدمات الحيوية تفاقم الظروف بالنسبة لمعظم الناس، خاصة الفئات الضعيفة، بما في ذلك النساء والأطفال. كما يفتقر 12.4 مليون شخص إلى الوصول الكافي إلى مياه الشرب، وهو ما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المعدية.

ووفق هذه البيانات، فإنّ أكثر من 4.5 مليون طفل أعمارهم بين 5 سنوات و17 سنة، لا يذهبون إلى المدراس سنويًا في اليمن، فيما يُقدّر عدد النازحين حاليًا في البلاد بنحو 4.5 مليون شخص، وقد نزح ثلثهم أكثر من مرّة، مما أدى إلى تآكل قدرتهم على التكيّف.

وفي ظل هذه المؤشرات المخيفة، كشفت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة انخفاض واردات القمح إلى اليمن خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي بنسبة 43‎%‎ إلى موانئ البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة الحوثيين وبنسبة 37‎%‎ إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترَف بها دوليًا. وأكدت أنّ رسوم الشحن ارتفعت بنسبة 170‎%‎ على البضائع المتجهة إلى الموانئ اليمنية.

وفي النشرة الخاصة بالسوق والتجارة الصادرة عن المنظمة، فإنه وبالمقارنة بشهر نوفمبر/تشرين الثاني، وديسمبر/ كانون الأول الماضيين، فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الشهري لجميع البنود بنسبة 7% خلال الأحد عشر شهرًا الماضية. وأكدت أنّ هذه الزيادات تعكس ارتفاع تكاليف النقل، ورسوم تحويل الأموال الباهظة بين المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة إلى مناطق سيطرة الحوثيين، وانخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي، فضلًا عن زيادة الطلبات الموسمية.

وتوقعت “فاو” أن يؤدي كل هذا إلى ارتفاع الاسعار في الأسواق المحلية، باعتبار أنّ اليمن يستورد كل احتياجاته من الخارج، ونبّهت إلى أنّ هذا بدوره أدى إلى زيادة حالة انعدام الأمن الغذائي الهش أساسًا. كما توقعت أن يؤدي ارتفاع تكاليف الشحن وتراجع الواردات إلى ارتفاع أسعار الوقود في مناطق سيطرة الحكومة، محذرةً من أنّ هذا الإرتفاع سيؤدي إلى احتكار وبيع هذه المادة في السوق السواء في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين.

المنظمة المعنية بالأغذية والزراعة ذكرت أنّ القلق سيظل مستمرًا بشأن ارتفاع أسعار النفط عالميًا وانخفاض تدفق واردت الغذاء إلى اليمن، ما سيؤثر على توفر الوقود والسلع الغذائية. ونبّهت إلى أنه على الرغم من توافر المواد الغذائية والوقود المستورد في الأسواق المحلية، وانخفاض أسعار المواد الغذائية العالمية، فإنّ أسعار المواد الغذائية المحلية لا تزال أعلى من متوسط ثلاث سنوات، وهو الأمر الذي لا يزال يؤثر على القوة الشرائية للمستهلكين ويحد من إمكانية حصول الأُسر الفقيرة على الغذاء.